للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمة على أصل الشرك الأكبر. يوضح ذلك ما حصل من ارتداد أكثر أهل الجزيرة بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقتال الصديق والصحابة لهم على اختلاف تنوعهم في الردة، وقال أبو هريرة لما مات النبي -صلى الله عليه وسلم-: وكان أبو بكر وكفر من كفر من العرب، وردة بني حنيفة مشهورة.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون"١ معناه: أنه يئس أن يطيعه المصلون في الكفر بجميع أنواعه، لأن طاعته في ذلك هي عبادته، قال الله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} ٢.

ومن استدل بالحديث على امتناع وجود كفر في جزيرة العرب، فهو ضال مضل، فماذا يقول هذا الضال في الذين قاتلهم الصديق والصحابة من العرب، وسموهم مرتدين كفارا؟ فلازم دعوى هذا الضال أنه لم يكفر أحد من العرب بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن الصحابة أخطؤوا في قتالهم والحكم عليهم بالردة، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى تعبد اللات والعزى" ومكانهما معلوم، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب إليات نساء دوس عند ذي الخلصة"٣ وهو صنم لدوس رهط أبي هريرة، بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- جرير بن عبد الله البجلي وهدمه. وفي الحديث الصحيح من خبر الدجال: "أنه لا يدخل المدينة بل ينزل بالسبخة؛ فترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج منها على كافر ومنافق"٤ فأخبر أن في المدينة إذ ذاك كفارا ومنافقين.

ويقال -أيضا- لهذا المجادل: بين لنا الشرك الذي حرمه الله وعظم أمره


١ مسلم: صفة القيامة والجنة والنار (٢٨١٢) , والترمذي: البر والصلة (١٩٣٧) , وأحمد (٣/ ٣١٣,٣/ ٣٥٤,٣/ ٣٦٦,٣/ ٣٨٤).
٢ سورة يس آية: ٦٠.
٣ البخاري: الفتن (٧١١٦) , ومسلم: الفتن وأشراط الساعة (٢٩٠٦) , وأحمد (٢/ ٢٧١).
٤ أحمد (٤/ ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>