للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا إكراه فيها، وربما يُجَوِّزُهَا مَن لا يمنع بعض الحِيَل من الحنفية، والشافعية، فلم يصرّح بها في الموضع، وكلامه معروف في إبطال الحيل، وصنَّف في ذلك كتابه المعروف، وهو قول الإمام مالك، والإمام أحمد، وأصحابهما، وقول أئمة الحديث.

وبعض أهل زماننا أخذ من قول الشيخ في المسألة: أنه إذا كان ذلك برضاء الغريم فلا بأس به، والذي نرى، ونفتي به -المنع في الصورة التي يسميها العامة التصحيح، فيما إذا كان لإنسان على آخر عشرة -مثلا- فقال: ما عندي ما أعطيك، ولكن يقول في لفظ العامة: أما أكتبها علي، فيقول: كَتْب الذي في الذمة لا يجوز، ولكن نصحح، اكتب عليك عشرة، توفيني بها، إذا قبضتها، أو يقول ذلك في العادة المستمرة.

والعرف المُطَّرِد كالتواطؤ أنه يرد عليه دراهمه في المجلس غالبا، فيكون ذلك في العادة مواطأة، والقابض للدراهم لا يتصرف فيها، فلا يصير ملكه تاما عليها، بل يردها عليه بعينها في الحال، فدراهمه رجعت إليه، ويصير رأس مال السلم الذي في الذمة، وربما يكون أصل الدين عشرة، فيصل بالقلب مرة بعد مرة إلى مائة، أو أكثر.

وذكر الإمام مالك -رحمه الله- في "الموطأ" مسألة تشبه هذه المسألة، فقال: من اشترى طعامًا بثمن معلوم إلى أجل مسمًى، فلما دخل الأجل قال الذي عليه الطعام لصاحبه: ليس عندي طعام، فبعني الطعام الذي عليَّ إلى أجل، فيقول صاحب الطعام: هذا لا يصلح لأنه قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يُسْتَوْفَى. فيقول الذي عليه الطعام لغريمه: فبعني طعاما إلى أجل حتى أقضيك، فهذا لا يصلح لأنه إنما يعطيه طعاما، ثم يرده إليه، فيصير الذهب الذي أعطاه ثمن الطعام الذي كان عليه، ويصير الطعام الذي أعطاه محللا فيما بينهما، ويكون ذلك -إذا فعلاه- بيع الطعام قبل أن يستوفى. انتهى.

وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>