مسألتنا تكون الدراهم للذي يعطيه، ثم يردها إليه وفاء محللا، ويكون رأس مال السلم في ذمة غريمه، هذا الذي يظهر لي، والله أعلم. وإن رأيت ذلك فتذكر لمن استنصحك، ولا تجادل، ولا تنازع.
ثم ذكر الشيخ المسألة الثانية، والجواب، وقد تقدمت مفردة، وهي: ما إذا كان لرجل على آخر ريالات، وأراد أن يعطيه عنها فضة، مثل الذي يسمى المجيديات ... إلى آخره، ثم قال -رحمه الله-: ونذكر لكم صورة من صور قلب الدَّين، ذكرها مالك في "الموطأ" يفعلها بعض الناس، إذا صار له على آخر مائة -مثلا- وطلبها منه، قال: ما عندي نقد، لكن بعني سلعة بثمن مؤجل.
كما يقول بعضهم: العشر اثنا عشر، فيبيعه سلعة بمائة وعشرين مؤجلة، تساوي مائة نقدا، ثم يبيعها المشتري، ويعطيه ثمنها مائة.
قال مالك -رحمه الله- في الرجل: يكون له على الرجل مائة دينار إلى أجل، فإذا حلَّتْ، قال الذي عليه الدين: بعني سلعة يكون ثمنها مائة دينار نقدا بمائة وخمسين إلى أجل، قال مالك: هذا بيع لا يصلح، ولم يزل أهل العلم ينهون عنه.
قال: إنما كره ذلك لأنه إنما يعطيه ثمن ما باعه بعينه، ويؤخر عنه المائة الأولى إلى الأجل الذي ذكره له آخر مرة، ويزداد عليه خمسين دينارا في تأخيره عنه، فهذا مكروه لا يصح، وهو يشبه حديث زيد بن أسلم في بيع أهل الجاهلية أنهم كانوا إذا حلت ديونهم قالوا للذي حل عليه الدين: إما أن تقضي، وإما أن ترابي، فإن قضى أخذوا، وإلا زادوهم في حقوقهم، وزادوهم في الأجل. انتهى.
والسلف يعبرون كثيرا بالكراهة فيما هو محَرَّم عندهم، وقوله: إنما يعطيه ثمن ما باعه، يعني: أن مشتري السلعة يبيعها على غيره، ويعطيه ثمنها