ردة صريحة. وبلغني أن بعضهم دخل من هذا الباب، واعترض على ابن عتيق، وصرح بجهله، ونال من عرضه، وتعاظم هذه العبارة، وزعم أنه غلا وتجاوز الحد، فحصل بذلك تنفيس لأهل الجفاء وعُبَّاد الهوى. والرجل، وإن صدر منه بعض الخطأ في التعبير، فلا ينبغي معارضة من انتصر لله ولكتابه وَذَبَّ عن دينه، وأغلظ في أمر الشرك والمشركين على من تَهَاون أو رَخَّصَ وأباح بعض شعبه، وفتح باب وسائله وذرائعه القريبة المفضية إلى ظهوره وعلوه، ورفض التوحيد ونكَّس أعلامه ومحا آثاره، وقلع أصوله وفروعه، ومَسَبَّة من جاء به؛ لِقَوْلَةٍ رآها، وعبارة نقلها وما دراها، من إباحة الاستعانة بالمشركين مع الغفلة والذهول عن صورة الأمر والحقيقة؛ وأنه أعظم وأطم من مسألة الاستعانة والانتصار، بل هو تَوْلِيَة وتَخْلِيَة بينهم وبين أهل الإسلام والتوحيد، وقلع قواعده وأصوله وسفك دماء أهله واستباحة حرماتهم وأموالهم.
[وصف الأحوال الحاصلة بنجد]
هذا حقيقة الجاري والواقع، وبذلك ظهر في تلك البلاد من الشرك الصريح والكفر البواح ما لا يُبْقِي من الإسلام رَسْمًا يُرْجَعُ إليه، وَيُعَوَّلُ في النجاة عليه، كيف وقد هُدِمَتْ قواعد التوحيد والإيمان، وعطلت أحكام السنة والقرآن، وصُرِّحَ بِمَسَبَّةِ السابقين الأولين من أهل بدر وبيعة الرضوان، وظهر الشرك والرفض جهرا في تلك الأماكن والبلدان. ومن قَصُرَ الواقع على الاستعانة بهم فما فَهِمَ القضية، وما عرف المصيبة والرزية، فيجب حماية عرض من قام لله، وسعى في نصر دينه الذي شرعه وارتضاه، وترك الالتفات إلى زلاته، والاعتراض على عباراته؛ فمحبة الله والغيرة لدينه ونصرة كتابه ورسوله مرتبةٌ عَلِيَّةٌ محبوبةٌ لله مرضيةٌ يُغْتَفَر فيها العظيمُ من الذنوب، ولا يُنْظَرُ معها إلى تلك الاعتراضات الواهية،