للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمناقشات التي تَفُتُّ في عَضُدِ الداعي إلى الله. والملتمس لرضاه، وَهَبْهُ كما قيل، فالأمر سهل في جنب تلك الحسنات: "وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"١ شعر:

فليصنع الركب ما شاؤوا لأنفسهم ... هم أهل بدر فلا يخشون من حرج

ولما قال المتوكل لابن الزيات: يا ابن الفاعلة، وقذف أمه، قال الإمام أحمد -رحمه الله-: أرجو أن الله يغفر له نظرا إلى حسن قصده في نصر السنة وقمع البدعة. ولما قال عمر لحاطب ما قال، ونسبه إلى النفاق، لم يعنفه النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أخبره أن هناك مانعا. والتساهل في رد الحق وقمع الداعي إليه يترتب عليه قلع أصول الدين، وتمكين أعداء الله المشركين من الملة والدين، ثم إن القول قد يكون ردة وكفرا، ويطلق عليه ذلك، وإن كان ثَمَّ مانعٌ من إطلاقه على القائل. وصريح عبارة الشيخ حمد التي رأينا ليست في الاستعانة خاصة، بل في تسليم بلاد المسلمين إلى المشركين، وظهور عبادة الأصنام والأوثان، ومن المعلوم أن من تصور هذا الواقع، ورضي به وصوب فاعله، وذب عنه، وقال بحله فهو من أبعد الناس عن الإسلام والإيمان، إذا قام الدليل عليه.

وأما مَنْ أخطأ في عدم الفرق، ولم يَدْرِ الحقيقةَ، واعتزَّ بمسألةٍ خلافية، فحكمه حكم أمثاله من أهل الخطأ، إذا اتقى الله ما استطاع، ولم يُغَلِّبْ جانبَ الهوى. والمقصود أن الاعتراض والمِرَاء من الأسباب في مَنْع الحق والهُدَى، ومَن عرف القواعد الشرعية، والمقاصد الدينية والوسائل الكُفْرِية، عرف


١ يمثل المصنف -رحمه الله- بهذا الحديث الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم في زلة حاطب بن أبي بلتعة البدري؛ إذ أراد إخبار مشركي مكة بالزحف عليها؛ للتشابه بين المسألتين في أن الحسنات يذهبن السيئات.

<<  <  ج: ص:  >  >>