للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاحهم وفلاحهم، والرفق بهم، وكفُّهُم عما فيه هلاكهم وشقاؤهم وذهاب دينهم ودنياهم من معصية الله ورسوله، ومخالفة أمره، ومشابهة الجاهلين فيما كانوا عليه من التفرق والاختلاف وترك الحقوق الإسلامية. وفي الحديث: "ثلاث لا يُغَلُّ عليهن قلب مسلم: إخلاص الدين لله، ومناصحة أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم"، فأفاد أن هذه الثلاث لا يدعها المسلم إلا لِغِلٍّ في قلبه، بل المسلم الصادق في إسلامه لا يكون إلا: مُخْلِصًا دينَه لله، مُنَاصِحًا لإمامه، مُلازِمًا لجماعة المسلمين. وقد دل القرآن على هذا في غير موضع، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} ١. فابتدأ الآية بالأمر بأن يُتَّقَى حَقَّ التُّقَاة، وأمر بالتزام الإسلام، والعض عليه بالنواجذ حتى الممات، لأن قوله: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ٢ تحضيضٌ وحَثُّ على التزامه في جميع أوقات العمر والساعات، ومن عاش على شيء مات عليه ٣


١ سورة آل عمران آية: ١٠٢ - ١٠٣.
٢ سورة آل عمران آية: ١٠٢.
٣ هذا هو الغالب في البشر بحسب سنة الله -تعالى-: من أن المرء يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه كما ورد. أما الثاني ففي صحيح مسلم، وأما الأول فلا أذكر مُخَرِّجَه الآن، وتدل عليه ظواهر آيات وأحاديث كثيرة منها: حديث علي المرفوع في الصحيحين "ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار أو الجنة" فقال رجل من القوم: ألا نتكل يا رسول الله؟ قال "لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له" ثم قرأ {فأما من أعطى واتقى} الآية أي وما بعدها، وهذا الحديث مروي عن عدة من الصحابة. وقد يعارضه عبد الله بن مسعود في الصحيحين وغيرهما "فوالله إن أحدكم -أو الرجل- ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع =

<<  <  ج: ص:  >  >>