للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لا يفيد إيمان الرجل، فضلا عن كونه عالما.

فلا يباح، والحالة هذه لمن كان هكذا أن يحوز أوقافا قصد بها التقرب إلى الله، والإعانة على إظهار دينه، والتماس مرضاته، والدعوة إلى سبيله، ومن أكل منها وهو مجانب لهذه الأوصاف، فقد أكل ما لا يحل له، وما لا يستحقه. وهذا يستفاد من قول الفقهاء: يشترط أن يكون الوقف على جهة بر، ولا يستحقه إلا من كان من أهل تلك الجهة. وفي الحديث: "إن هذا المال حلوة خَضِرة، فمن أخذه بحقه بورك له فيه، ورب متخوض في مال الله بغير حق ليس له يوم القيامة إلا النار"١، والأوقاف من مال الله. ولهذا عزل الخليفة المتوكل كل من يتهم بشيء من بدعة الجهمية عن المساجد والقضاء وغيره من الوظائف الدينية، وذلك بأمر من الإمام أحمد -رحمه الله-. فإنه -رحمه الله- توجه إليه الفتح بن خاقان -وزير المتوكل- بورقة فيها أسماء القضاة والأئمة، فقرأها الفتح على الإمام، فأمر بعزل من يُعرف منه شيء من ذلك، أو يتهم به، فعُزل خلق كثير، وهو عند المسلمين في ذلك بارّ راشد، متبع لأمر الله ورسوله.

[ما جاء في رؤيا الطفيل]

(فصل) ما جاء في رؤيا الطفيل: "أنه مر على نفر من اليهود فقال لهم: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: عزير ابن الله. قالوا: وأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. ومر على ملأ من النصارى فقال: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله، قالوا: وأنتم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: والله والكعبة"٢. فأخبر الطفيل برؤياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى الناس عن هذه الأقوال، وقرر حكم هذه الرؤيا. والغرض منها هنا ذكر المشابهة بينكم وبينهم في إدراك الخفي، فما زعمتموه عيبا مع العمى، والجهل بما أنتم عليه، فأعجب لها من نادرة قال حسان:


١ البخاري: فرض الخمس (٣١١٨) , والترمذي: الزهد (٢٣٧٤) , وأحمد (٦/ ٣٧٧).
٢ أحمد (٥/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>