وطلب للفقه لديكم، بل أنتم كما قال -تعالى- في أهل الكتاب:{وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الأِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} ١.
[شرط حل الأكل من الأوقاف]
وقد اشتهر أنكم في المزاحمة على الأموال المحرمة أحمق من نعجة على حوض، وغالب ما في أيديكم من الأوقاف، والريع والمآكل إنما وصل إليكم من جهة من لا يعرف الدعوة الإسلامية، وليست لهم ولاية شرعية، كرؤساء الأحساء قبل المسلمين من آل حميد، والأتراك وتجار البحر، الذين لا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق، فكيف تلمزون بأمراء المسلمين، وهذا حالكم، وهذه مآكلكم؟ وما فرض من ذلك على الوجه الشرعي فهو لا يباح إلا لمن قام في وظيفة التدريس والإمامة بما شرع الله ورسوله، من دعاء الخلق إلى توحيده، ونهيهم عن الشرك واتخاذ الأنداد معه، وقرر ما تعرّف الله به إلى عباده من صفات كماله، ونعوت جلاله، وأظهر مسبة من جحدها وألحد فيها، ونفى عن كتاب الله تحريف المبطلين، وتأويل الجاهلين، وزيغ الزائغين، وجرد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتخذ من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة. ومن لم يكن هكذا فهو غاش للمسلمين، غير ناصح لهم، متشبع بما لم يعط، كلابس ثوبي زور في انتصابه في المدارس والمساجد. والعلم معرفة الهدى بدليله، وإدراك الحكم على ما هو عليه في نفس الأمر، ليس إلا. وأما التَّزَيِّي بالملابس، والتحلي بالمظاهر، والانتصاب في المدارس، من غير غيرة لدين الله، ولا نصرة لأوليائه، ولا مراغمة لأعدائه، ولا دعوة إلى سبيله، فما ذاك إلا حرفة الفارغين البطالين، الذين صحبوا الأماني، وقنعوا من الخَلاق بالخسيس الفاني،