للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبوله، فما لهذا السائل وآداب كلمة الإخلاص؟ وأما الأركان، فركناها: النفي والإثبات؛ نفي استحقاق الإلهية عما سوى الله، وإثباتها لله وحده على وجه الكمال.

وأما الآداب: فالدين كله يدخل في مدلولها وآدابها، وأرفع مراتب الآداب وأعلاها مرتبة: الإحسان وهي أعلى مقامات الدين، وبسطها يعلم من معرفة شُعَب الإيمان وواجباته ومستحباته، وعندهم أن الإيمان مجرد التصديق، فلا يشترط عمل القلب وعمل الأركان في حصول الحقيقة المميزة بين المسلم والكافر. هذا رأي الجهمية الجبرية، فالأعمال ليست من مسماه، والتصديق والإخلاص ليسا من أركانه، وهذا يعرفه صغار الطلبة، فكيف يترشح هذا الجهمي لما ليس من فنه ولا من علمه؟ وفي المثل: "ليس هذا عشك فادرجى". والمقصود إفادة مثلك، وأما السائل فليس كفوا للرشاد للهدى.

[اختصاص الاستواء بالعرش]

ثم قال الجهمي في ورقته: قوله -تعالى-: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ١ ما معناه؟ استواؤه مختص بالعرش أو به وبغيره؟ لأنه -تعالى- ما نفى استواءه عن غيره، فإذا زعمت أن استواءه مختص بالعرش، فمن أي شيء علم ذلك؟ وهل أتى -سبحانه- بحرف الحصر، وحروف الاختصاص؟ وهل تعرف حروف الاختصاص، وحروف الحصر أم لا؟ وما هي؟ فإذا قلت -مثلا-: زيد استوى على الدار. فهل علم منه أنه لا يستوي على غيره؟ والعاقل يعلم ذلك بأدنى تأمل. اهـ.

وجوابه أن يقال: قد ثبت من غير طريق، عن مالك بن أنس -رحمه الله- وعن شيخه ربيعة بن عبد الرحمن، بل ويروى عن أم سلمة -أم المؤمنين رضي الله عنها- أنهم قالوا: الاستواء معلوم، والكيف مجهول. وفي


١ سورة طه آية: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>