وهذه أيضا نعمة عظيمة، وكون الله أتاح له من ينصره ويؤويه، والذي أقوى من ابن سعود، وأكثر لم يحصل منه ذلك، وصبر محمد على عدوه الأدنى والأقصى أهل نجد، والملوك من كل جهة. وبادأهم دهام بن دواس؛ فهجم إلى الدرعية على غرة من أهلها، وقتل أولاد محمد فيصلا وسعودا؛ فما زاد محمد إلا قوة وصلابة في دينه -رحمه الله- على ضعف منه، وقلة في العدد والعدد وكثرة من عدوهم، وذلك من نعمة الله وآياته علينا وعليكم. فرحم الله هذا الشيخ الذي أقامه الله مقام رسله وأنبيائه في الدعوة إلى دينه، ورحم الله من آواه ونصره، فلله الحمد على ذلك.
وفيما جرى من ابن سعود شبه لما جرى من الأنصار في بيعة العقبة. ثم إن أهل نجد وبني خالد وأهل العراق والأشراف والبوادي وغيرهم تجردوا لعداوة هذا الشيخ، ومن آواه ونصره، وأقبلوا على حربهم بحدهم وحديدهم، وكثرة جنودهم، وكيدهم؛ فأبطل الله كيد كل من عاداهم، وكل من رام من هؤلاء الملوك وأعوانهم أن يطفئ هذا النور، أطفأ الله ناره، وجعلها رمادا، وجعل كثيرا من أموالهم فيئا للمسلمين، وهذه عبرة عظيمة ونعمة جسيمة. ثم إن الله بفضله وإحسانه أظهر هذا الدين في نجد، وأذل من عاداه، فعمت النعمة أهل نجد ومن والاهم شرقا وغربا، وحفظ الله عليكم نعمة الإسلام التي رضيها -سبحانه- لعباده دينا، فلم يقدر أحد أن يغيرها بقوته وقدرته. فاشكروا ربكم الذي حفظ عليكم دينكم، ورد لكم الكرة على من خرج عنه؛ وذلك بالإقبال على التوحيد تعلما وتعليما، والأمر بما يحبه الله من طاعته، والنهي عما نهى الله عنه من المعاصي. وفي كلام بعض العلماء ما يبين حال أكثر هذه الأمة قبل هذه الدعوة من الشرك العظيم؛ فمن ذلك قول عالم صنعاء الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني -رحمه الله- عن شيخ