للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الجدل والزيغ في زماننا. (شعر):

يقولون أقوالا ولا يعرفونها ... وإن قيل هاتوا حققوا لم يحققوا

(وأما قوله): وغش الأمة، فهذا الجاهل الضال بنى هذا القيل الكاذب على سوء فهمه وانصرافه عن دين الإسلام، لأنه عدو لمن قام به ودعا إليه وعمل به؛ ومن المعلوم عند العقلاء وأهل البصائر أن من دعا الناس إلى توحيد ربهم وطاعته أنه الناصح لهم حقا. وأما من حسَّن الشرك والبدع ودعا إليها، وجادل بالباطل وألحد في أسماء الله وصفاته، فهو الظالم الغاش لعباد الله؛ لأنه يدعوهم إلى ضلالة. نعوذ بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.

[التوحيد الذي دعا إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب]

ونذكر ما قام به الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، فإنه نشأ في أناس قد اندرست فيهم معالم الدين، ووقع فيهم من الشرك والبدع ما عم وطم في كثير من البلاد، إلا بقايا متمسكين بالدين يعلمهم الله تعالى. وأما الأكثرون فعاد المعروف بينهم منكرا، والمنكر معروفا، والسنة بدعة والبدعة سنة، نشأ على هذا الصغير، وهرم عليه الكبير، ففتح الله بصيرة شيخ الإسلام بتوحيد الله الذي بعث به رسله وأنبياءه، فعرف الناس ما في كتاب ربهم من أدلة توحيده الذي خلقهم له، وما حرمه عليهم من الشرك الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، فقال لهم ما قاله المرسلون لأممهم: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} ١. فحجب كثيرا منهم عن قبول هذه الدعوة ما اعتادوه، وما نشؤوا عليه من الشرك والبدع؛ فنصبوا العداوة لمن دعاهم إلى توحيد ربهم وطاعته، وهو شيخنا -رحمه الله-. ومن استجاب له، وقبل دعوته وأصغى


١ سورة الأعراف آية: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>