للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى حجج الله وبيناته، كحال من خلا من أعداء الرسل كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} ١، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} ٢.

وأدلة ما دعا إليه هذا الشيخ -رحمه الله- من التوحيد في الكتاب والسنة أظهر شيء وأبينه. اقرأ كتاب الله من أوله إلى آخره تجد بيان التوحيد والأمر به، وبيان الشرك والنهي عنه مقررا في كل سورة، وفي كثير من سور القرآن يقرره في مواضع منها، يعلم ذلك من له بصيرة وتدبر. ففي فاتحة الكتاب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ٣: فيها نوعا التوحيد: توحيد الإلهية وتوحيد الربوبية، وفي {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ٤: النوعان، وقصر العبادة والاستعانة على الله عز جل أي: لا نعبد غيرك ولا نستعين إلا بك ٥. أول أمر في القرآن يقرع سمع السامع والمستمع قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} إلى قوله: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ٦. فأمرهم بتوحيد الإلهية، واستدل عليه بالربوبية، ونهاهم عن الشرك به، وأمرهم بخلع الأنداد التي يعبدها المشركون من دون الله. وافتتح -سبحانه- كثيرا من سور القرآن بهذا التوحيد: {الم اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ٧، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} إلى قوله: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} ٨ أي: المألوه


١ سورة الأنعام آية: ١١٢.
٢ سورة الفرقان آية: ٣١.
٣ سورة الفاتحة آية: ٢.
٤ سورة الفاتحة آية: ٥.
٥ هذا التفسير للقصر المذكور، ومعنى الآية في جملتها نعبدك ولا نعبد غيرك، ونستعينك ولا نستعين سواك، فهي جامعة بين إثبات العبادة والاستعانة لله، ونفيهما عن سواه.
٦ سورة البقرة آية: ٢١ - ٢٢.
٧ سورة آل عمران آية: ١ - ٢.
٨ سورة الأنعام آية: ١ - ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>