وأما من كفر من ليس من أهل الكفر لكنه متأول يسوغ تأويله، فهو أيضا من الأئمة المرضيين إذا تمت له شروط الإمامة، وخطؤه مغفور له بنص الحديث.
وأما من يكفر لهوى، أو عصبية، أو لمخالفة في المذهب، أو لأنه يرى رأي الخوارج، فهو فاسق لا يصلى خلفه إذا أمكنت الصلاة مع غيره إلا إن كان ذا سلطان تخشى سطوته، فيصلى خلفه كما يصلى خلف أئمة الظلم والجور.
إذا عرفت هذا، فاعلم أن الصحاف ذكر في جوابه ما لا يتعلق بالسؤال كمسبته وعيبه من يعيب مشايخه الذين ذكرهم، وترضى عنهم كابن كمال وعبد الله البصري وحسين الدوسري وغيرهم ممن ذكر، وحكمه على من عابهم أنه من الجهال المبتدعة أكلة الحرام الذين لا همَّ لهم في الدين، وأنهم ممن قال فيهم صاحب الزبد:
وعالم بعلمه لم يعملن ... معذب من قبل عباد الوثن
وأن همهم في جمع الدرهم والدينار، يعملون في تحصليها أنواع الحيل بالليل والنهار، فهذا الكلام مجرد دعوى ومسبة ينزه العاقل نفسه عن مثلها، ويكفي في ردها منعها وتكذيبها. ويمكن خصم الصحاف أن يقابلها، ويعارضها بما هو محق فيه، كقوله: بل أنتم أهل الجهل بما بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، لم تعرفوه بما وصف به نفسه، وبما وصفته به رسله من صفات الكمال، ونعوت الجلال، ولكنكم أخذتم العقيدة في ذلك عن أفراخ الفلاسفة واليونان، الذين هم من أعظم الخلق مناقضة لما نطق به القرآن، وما وصف به الرب نفسه في كتابه العزيز. وكذلك أنتم في باب معرفة حق الله وتوحيده من أضل الناس وأجهلهم، تجعلون عبادة غير الله