للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل السنة والجماعة، لا يمتري فيه أحد عرف مذهبهم، وطالع كتبهم، فإنهم لم ينحرفوا عن أهل البيت، بل من أصول الدين عندهم: محبة أهل البيت النبوي، وموالاتهم، والصلاة عليهم في الصلاة وغيرها، ولو ذهبنا نذكر نصوصهم في ذلك لطال الكلام جدا.

(الثاني): أنهم لم يتولوا الدول الجائرة، كما ذكره هذا المعترض، بل هم يبغضونهم ويكرهونهم، ويسمونهم ظلمة، وأئمة جور، وإنما أوجبوا طاعتهم إذا أمروا بطاعة الله ورسوله، ويستدلون على ذلك بأحاديث ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها أنه قال: "على المرء السمع والطاعة ما لم يؤمر بمعصية؛ فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة"١ وثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر، وأنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت، إلا ويموت ميتة جاهلية"٢.

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة من رواية أهل البيت وغيرهم من الصحابة -رضي الله عنهم- بأسانيد ثابتة بنقل العدول من أهل الحديث.

(الوجه الثالث): أن أهل السنة والجماعة لم يصححوا ولايتهم، إلا إذا تولوا على الناس، وبايعهم على ذلك أهل الشوكة، وأهل الحل والعقد، فإذا كان كذلك صحت ولايته، ووجبت طاعته في طاعة الله، وحرمت طاعته في المعصية، ولكن لا يجوزون الخروج عليه، ومحاربته بالسيف؛ لأن ذلك يؤول إلى الفتن العظيمة، وسفك الدماء، والهرج الكثير. هذا الذي عليه أهل السنة والجماعة، وهذا القول هو الذي تدل عليه النصوص النبوية، وعليه كثير من أهل البيت.

(الوجه الرابع): أن قوله في الأحاديث التي يستدل بها أهل السنة على السمع والطاعة لولي الأمر: (فلما سمعها أهل البيت وجدوها مخالفة لكتاب الله)، كذب ظاهر على أهل البيت -عليهم السلام-؛ فإن كثيرا من أهل البيت، مذهبهم مذهب


١ البخاري: الأحكام (٧١٤٤) , ومسلم: الإمارة (١٨٣٩) , والترمذي: الجهاد (١٧٠٧) , وأبو داود: الجهاد (٢٦٢٦) , وابن ماجه: الجهاد (٢٨٦٤) , وأحمد (٢/ ١٧ ,٢/ ١٤٢).
٢ البخاري: الفتن (٧٠٥٤) , ومسلم: الإمارة (١٨٤٩) , وأحمد (١/ ٢٧٥ ,١/ ٢٩٧) , والدارمي: السير (٢٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>