أهل السنة والجماعة في هذه المسألة، هذا الحسن بن علي رضي الله عنه انخلع لمعاوية رضي الله عنه وبايعه، وأمر كل من بايعه، وبايع أباه بمبايعة معاوية، والسمع والطاعة له، وهو عند هذا المعترض وأمثاله من أئمة الجور. وأما عند أهل السنة والجماعة فهو من خيار ملوك الإسلام، وأعدلهم، وأحسنهم سيرة، ونهى أخاه الحسين عند موته عن طاعة سفهاء الكوفة.
وهذا ابن عباس، وهو من أئمة أهل البيت، نهى ابن عمه الحسين رضي الله عنه عن الخروج، وكذلك محمد بن الحنفية، وعبد الله بن جعفر -رضي الله عنهم-، وهؤلاء من أئمة أهل البيت، وقد تقدم النقل عنهم بذلك. وذكرنا من رواه من الأئمة.
(الوجه الخامس): أن أهل السنة -رحمهم الله- بينوا أن هذه الأحاديث المروية عنهم في السمع والطاعة لولي الأمر هي الموافقة لكتاب الله حقا، لا تخالفه، بل القرآن يصدقها، ويدل على ما دلت عليه؛ لأن الجميع من عند الله. والرسول صلى الله عليه وسلم أعلم بكتاب الله من أهل البدع، وكذلك أصحابه، وأهل بيته.
قال العلماء: كان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينْزل بالقرآن، وقد أمر الله بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في القرآن في أكثر من سبعين موضعا، وأخبر أن من يطع الرسول فقد أطاع الله، وقد أمر الله بطاعة أولي الأمر في القرآن، فقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} ١ الآية، قال أئمة التفسير: هم العلماء والأمراء.
(الوجه السادس): أن هذه الآيات التي ذكر أنها تخالف هذه الأحاديث، قد بين أهل التفسير معناها، وليس فيها ما يخالف كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ولا ما يدل على مراد هذا المعترض، وأشباهه من أهل البدع؛ كالخوارج، والمعتزلة. ونحن نذكر كلام أئمة التفسير -رحمهم الله- في هذه الآيات؛ لنبين بطلان ما ذهب إليه هذا المعترض.
قال أبو حيان -رحمه الله- في تفسيره المسمى بالبحر: والعهد -يعني في الآية-