للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نقول فيها كما قال إمامك المريسي: إن هذه الصفات كلها كشيء واحد، وليس السمع منه غير البصر، ولا الوجه منه غير اليد، ولا اليد منه غير النفس، وأن الرحمن ليس يعرف -زعمكم- لنفسه سمعا من بصر، ولا وجها من يدين، ولابصرا من سمع، هو كله -بزعمكم- سمع وبصر، ووجه ويد، ونفس وعلم، ومشيئة وإرادة، مثل الأرضين والسماء والجبال والتلال والهواء التي لا يعرف لشيء منها شيء من هذه الصفات والذوات.

والله تعالى عندنا متعال أن يكون كذلك، فقد ميز الله في كتابه السمع من البصر، فقال: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} ١، وقال: {إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ} ٢، وقال: {وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} ٣، ففرق بين الكلام والنظر دون السمع، فقال عند السماع: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} ٤ إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} ٥، وقال -تعالى-: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} ٦، ولم يقل: قد رأى الله، وقال في موضع الرؤية: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} ٧، وقال: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} ٨، ولم يقل: سمع الله تقلبك، وسمع عملكم. فلم يذكر الرؤية فيما يسمع، ولا السماع فيما يرى، كما أنهما عنده خلاف ما عندكم.

وكذلك قال الله -تعالى-: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} ٩، وقال: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} ١٠ ولم يقل لشيء من ذلك: على سمعي. فكما أنا لا نكيف هذه الصفات، لا نكذب بها كتكذيبكم، ولا نفسرها كباطل تفسيركم. انتهى.

فتأمل -رحمك الله- كلام هذا الإمام بعين البصيرة يتبين لك بطلان كلام هذا المعترض، وكذبه على أهل البيت، وأنه هو وشيعته من أبعد الناس عن اتباعهم، وإنما يتبعون أعداء الملة الإسلامية والطريقة المحمدية، كجهم والمريسي وأحزابهما من أهل البدع والضلال، والله أعلم.


١ سورة طه آية: ٤٦.
٢ سورة الشعراء آية: ١٥.
٣ سورة آل عمران آية: ٧٧.
٤ سورة المجادلة آية: ١.
٥ سورة المجادلة آية: ١.
٦ سورة آل عمران آية: ١٨١.
٧ سورة الشعراء آية:٢١٨، ٢١٩.
٨ سورة التوبة آية: ١٠٥.
٩ سورة القمر آية: ١٤.
١٠ سورة طه آية: ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>