الدين أو لم يبينوا؟ ولا بد من أحدهما، فإن قالوا: بينوا ما عندهم. قلنا: وتبيين أولهم يكفي عن الآخر منهم؛ لأنه يصير ما بين عند الناس ينقلونه جيلا عن جيل، فبطلت الحاجة إليهم. فإن قالوا: لم يبينوا -وهو قولهم- لأنهم عندهم صامتون حتى يأتي الإمام الناطق (الثاني عشر).
قلنا لهم: فهل حاقت بهم اللعنة من الله -تعالى- بنص القرآن إذ لم يبينوا ما عندهم من الهدى. وبالجملة فما أمة أحمق من الروافض والنصارى جملة.
قال أبو محمد: "وبرهان آخر ضروري، وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وجمهور الصحابة -رضي الله عنهم- حضور -حاشا مَنْ كان منهم في النواحي- فما منهم أحد أشار إلى الناس في علي بكلمة يذكر فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص عليه، ولا ادعى ذلك علي رضي الله عنه قط، لا في ذلك الوقت ولا بعده، ولا ادعاه أحد له، ولا بعده في ذلك الوقت.
ومن المحال الممتنع الذي لا يمكن البتة، ولا يجوز اتفاق أكثر من عشرين ألف إنسان متنابذي الهمم والنيات والأنساب، أكثرهم موتور من صاحبه في الدماء من الجاهلية على طي عهده صلى الله عليه وسلم إليهم. وما وجدنا قط رواية عن أحد بهذا النص المدعى، إلا رواية موضوعة واهية عن قوم مجهولين، لا يعرفهم أحد، عن مجهول يكني أبا الحمراء لا يُعرف من هو، ووجدنا عليا -رضي الله- عنه قد توقف عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه ستة أشهر، فما أكرهه أبو بكر على البيعة حتى بايع طائعا مبادرا، راجعا عن تأخره عنها، مختارا غير مكره. فكيف حل لعلي عند هؤلاء النوكى أن يبايع طائعا لرجل كافر أو فاسق، جاحد لنص رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يعينه على أمره، وأن يشاهد في مجلسه، وأن يواليه إلى أن مات.
ثم بايع بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه مبادرا غير متردد ساعة فما فوقها، غير مكره، بل طائعا، وصحبه وأعانه على أمره، وأنكحه ابنته من فاطمة رضي الله عنها، ثم قبل إدخاله في الشورى أحد ستة رجال؟ فكيف حل لعلي -رضي الله عنه- عند هؤلاء الجهال أن