يشارك بنفسه في شورى ضلالة أو كفر، وأن يغر الأمة هذا الغرور؟ هذا الأمر أدى أبا كامل -وهو من أئمة الروافض- إلى تكفير علي؛ لأنه زعم أنه أعان الكفار على كفرهم، وأيدهم على كتمان الديانة، وعلى ستر ما لا يتم الدين إلا به.
[البراهين على بطلان دعوى النص على إمامة علي]
قال أبو محمد: "ولا يجوز أن يظن بعلي رضي الله عنه أنه أمسك عن ذكر النص عليه خوف الموت، وهو الأسد شجاعة، قد عرض نفسه للموت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مرات، ثم يوم الجمل وصفين، فما الذي جبنه بين هاتين الحالتين؟
وما الذي ألف بين بصائر الناس على كتمان حق علي رضي الله عنه ومنعه حقه مذ مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قتل عثمان، رضي الله عنه؟ ثم ما الذي جلى بصائرهم في عونه إذ دعا لنفسه، فقامت معه طوائف من المسلمين عظيمة، وبذلوا دماءهم دونه، ورأوه حينئذ صاحب الأمر، والأولى بالحق ممن نازعه؟ فما الذي منعه، ومنعهم من الكلام، وإظهار النص الذي يدعيه الكذابون إذ مات عمر رضي الله عنه وبقي الناس بلا رأس ثلاثة أيام، أو يوم السقيفة؟
وأظرف من هذا كله بقاؤه ممسكا عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه ستة أشهر، فما سُئِلَهَا، ولا أجبر عليها ولا كلفها، وهو متصرف بينهم في أموره، فلولا أن رأى الحق فيها، فاستدرك أمره، فبايع طالبا حظ نفسه في دينه، راجعا عن الخطأ إلى الحق - لما بايع.
فإن قالت الروافض: إنه بعد ستة أشهر رأى الرجوع عن الحق إلى الباطل، فقولهم هو الباطل حقا، لا ما فعل علي رضي الله عنه, ثم ولي علي رضي الله عنه فما غير حكما من أحكام أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ولا أبطل عهدا من عهودهم، ولو كان ذلك عنده باطلا، لما كان في سعة من أن يمضي الباطل وينفذه، وقد ارتفعت التقية عنه.
وأيضا فقد نازع الأنصار -رضي الله عنهم- أبا بكر رضي الله عنه ودعوا إلى بيعة سعد بن عبادة. ودعا المهاجرون إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه، وقعد علي رضي الله عنه في بيته، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ليس معه أحد غير الزبير بن العوام رضي الله عنه