للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: إن عليا قد نهد إليكم في أهل العراق، فما الرأي؟ فضرب الناس أذقانهم على صدورهم، ولم يرفع إليه أحد طرفه، فقام ذو الكلاع الحميري، فقال: عليك الرأي وعلينا أم فعال -يعني الفعال-. فنَزل معاوية، ونودي في الناس: اخرجوا إلى معسكركم، ومن تخلف بعد ثلاث أحل نفسه. فخرج رسول علي حتى وافاه، وأخبره بذلك، فأمر علي رضي الله عنه فنودي: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن رسولي الذي أرسلته إلى الشام قد قدم علي، وأخبرني أن معاوية قد نهد إليكم في أهل الشام، فما الرأي؟ قال: فأضب أهل المسجد يقولون: يا أمير المؤمنين، الرأي كذا الرأي كذا، فلم يفهم علي كلامهم من كثرة كلامهم، وكثرة اللغط، فنَزل وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب بها ابن أكَّالة الأكباد"، يعني: معاوية رضي الله عنه.

وقال الأعمش: حدثني مَنْ رأى عليا يوم صفين يصفق بيديه ويعض عليها، ويقول: "يا عجبًا أُعْصَى ويُطَاع معاوية! "

[ظلم بسر بن أرطأة وعدم ثبوت صحبته]

وذكر ابن الأنباري عن أبيه عن أحمد بن عبيد عن هشام بن محمد عن أبي مخنف لوط قال: لما توجَّه بسر بن أبي أرطاة أخبر عبيد الله بن عباس بذلك، وهو على اليمن عامل لعلي رضي الله عنه فدخل بسر بن أبي أرطاة اليمن، فأتى بابني عبيد الله بن عباس، فذبحهما وهما صغيران، فنال أمهما عائشة بنت عبد الدان من ذلك أمر عظيم.

وذكر أبو عمرو الشيباني في خروج بسر أنه أغار على همدان، فقتل وسبى نساءهم، وكن أول نساء سبين في الإسلام، وبسر هذا له أخبار سوء بجانب علي رضي الله عنه ولا تصح له صحبة، قاله الإمام أحمد ويحيى بن معين، قال يحيى بن معين: كان رجل سوء، وذكر أن عليا رضي الله عنه دعا عليه أن يطيل الله عمره، ويذهب عقله، فكان كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>