للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكره الشارع، فكيف كانت صورته من قبل؟ وهل تحدث له بروح عند ذلك؟

(فالجواب): أن الذي ينبغي للمؤمن تصديق الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كل ما أخبر به من الأمور الغائبة، وإن لم يعلم كيفية ذلك، كما مدح -سبحانه- المؤمن بذلك، بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: ٤ - ٥]. وقد مدح الله -سبحانه- أهل العلم بأنهم يقولون في المتشابه: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: ٧]، وفي الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما علمتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فكلوه إلى عالمه"١. إذا علمت ذلك فاعلم أن شراح الحديث ذكروا فيه أقوالا الله أعلم بصحتها:

(قال ابن حجر) العسقلاني في فتح الباري: قوله "إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جيء بالموت"٢، وفي رواية "يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح"٣، قال الكلبي في تفسيره في قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [سورة الملك آية: ٢]، قال: خلق الموت في صورة كبش، لا يمر على أحد إلا مات، وخلق الحياة على صورة فرس، لا تمر على أحد إلا حي. قال القرطبي: الحكمة في الإتيان بالموت هكذا، الإشارة إلى أنهم حصل لهم الفدية كما فدي ولد إبراهيم بالكبش وفي "الأملح" إشارة إلى صفة أهل الجنة، لأن الأملح ما فيه بياض وسواد.

ثم قال ابن حجر: قال القاضي أبو بكر بن العربي: استُشكل هذا الحديث، فأنكر صحة هذا الحديث طائفة ودفعته، وتأولته طائفة فقالوا: هذا تمثيل ولا ذبح هناك، وقالت طائفة: بل الذبح على حقيقته، والمذبوح


١ أحمد (٢/ ١٨١).
٢ البخاري: الرقاق (٦٥٤٨) , ومسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٥٠) , وأحمد (٢/ ١١٨ ,٢/ ١٢٠).
٣ البخاري: تفسير القرآن (٤٧٣٠) , ومسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٤٩) , والترمذي: صفة الجنة (٢٥٥٨) , وأحمد (٣/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>