(قلت): وارتضى هذا بعض المتأخّرين وحمل قوله هو الموت الذي وكلّ بنا على أنّ المراد به {مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ}[السجدة: ١١]، واستشهد له من حيث المعنى بأنّ ملك الموت لو استمرّ حيًّا لنغص عيش أهل الجنة، وأيّده بقوله في حديث الباب:"فيزداد أهل الجنة فرحًا إلى فرحهم، ويزداد أهل النّار حزنًا إلى حزنهم". انتهى.
(قلت): ويكفي المؤمن اللّبيب الإيمان بالله ورسوله فيما لا يتبيّن له حقيقة معناه وظاهر الحديث لا إشكال فيه عند من نور الله قلبه بالإيمان وشرح صدره بالإسلام. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(فصل): وأمّا المسألة الثّامنة؛ وهي الرّهون التي كثر استعمالها في القرى والأمصار على غير الرّهن الشّرعي المستفاد من الكتاب والسّنة وخارجة عن حكمه المعروف. وذلك أنّه إذا احتاج الإنسان أخذ مال من آخر لا يعقد قرضه على سبيل الإباحة والتّراضي بل يدفع المحتاج إلى صاحب المال أرضه بالمخابرة والمزارعة بالعقد الشّرعي مقلدين من يقول بجوازها فيبذرها العامل ويأخذ نصف الغلة في مقابلة عمله وبذره، ويدفع لصاحب الأرض الشّطر الثّاني ويعمل الأرض مالكها ويجعل الأجر البذر، وكذا العمل لكلّ واحدٍ منهما شطر الغلة، وما تخرج تلك الأرض، وصاروا على ذلك خلفًا عن سلف. وحصل في هذه الأزمان الخوض في حكمها من علماء الزّمان منهم من حرم واستدلوا بأنّ المال دفع على سبيل القرض، وكلّ قرض جرّ منفعةٍ فهو ربا.
ومنهم من أجازها قائلين بأنّ المال لم يدفع بصيغة القرض، وربما كان المال دينا في ذمّة صاحب الأرض فعجز عن براءة ذمته وخلاص دينه تسمح نفسه ببيع أرضه ودخل في هذه المعاملة وقبلها صاحب الدّين. فعلى كلّ حال إنّ