المنفعة التي جعلها المفتي سببًا للحرمة مقابلة بمنفعة أخرى تساوي تلك المنفعة وأكثر منها، وهي البذر، وكلّ العمل فلم تكن منفعة لا يقابلها شيء. فإن قلتم بجوازها فذاك، وإن قلتم بحرمتها وبطلانها، فهل يسوغ لِمَن سَعَى في المخارجة بين صاحب المال وبين صاحب الأرض أي بتنجيم في أوقات اليسار كما ذكر البغوي في تفسير آية الرّبا أنّها نزلت في أربعة أخوة من ثقيف. ومع ذلك فالعجز ظاهر عن الوفاء بالمال حالًا ولولا الفقر والحاجة لم يدخلوا في هذه المعاملة؛ فالجواب مطلوب بعد إمعان النّظر وبيان حكم المسألة جوازًا أو تحريمًا.
وعن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "لا يحلّ سلف وبيع، ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك". رواه أبو داود والتّرمذي وصحّحه.
قال علماؤنا -رحمة الله عليهم- بيّن -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه لا يحلّ أن يقرض الرّجل ويبيعه ليحابيه لأجل ذلك القرض وقد جاء عنه -صلّى الله عليه وسلّم- وعن أصحابه -رضي الله عنهم أجمعين- تحريم البيوع بعد عقد القرض قبل الوفاء.
فعن أنس بن مالك، أنّه سُئل عن رجلٍ يقرض أخاه المال فيهدي إليه؟ فقال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "إذا أقرض أحدكم قرضًا فأهدي إليه أو حمله على الدّابة فلا يركبها ولا يقبلها إلّا أن يكون بينه وبينه قبل ذلك". رواه ابن ماجه بإسنادٍ حسن.