للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعطائه، جعلنا الله وإياك ممن عرف نعمة الله عليه فاستعان بها على ما يقربه إليه، والخط وصل -وصلك الله بالرضى-، وما أشرت إليه صار لدينا معلوما.

[الكلام على "أما" بالتخفيف]

أما الخطوط التي تذكر أنك أرسلتها إلينا قبل هذا الخط الأخير فلم تصل، ولم يصل منك في هذا العام قبل هذا خط. وأما الجواب عن المسألتين فلا يخفى أن "أما" بالتخفيف تأتي على وجهين:

أحدهما: أن تكون حرف استفتاح كما في قوله: "أما إني لم أكن في صلاة" ويكثر ذلك قبل القسم كما في قوله:

أما والذي أبكى وأضحك والذي ... أمات وأحيا والذي أمره الأمر

لقد تركتني أحسد الوحش إن أرى ... أليفين منها لا يروعهما الذعر

وقول الآخر:

أما والذي حجت له العيس وارتمى ... لمرضاته شعث طويل ذميلها

لئن نائبات الدهر يوما أدلن لي ... على أم عمرو دولة لا أقيلها

وقال الآخر:

أما يستفيق القلب أنى بدا له ... توهم صيف من سعاد ومربع

أخادع عن إطلالها العين إنه ... متى تعرف الأطلال عيني تدمع

عهدت بها وحشا عليها براقع ... وهذي وحوش أصبحت لم تبرقع

وهذا إذا قصد به تنبيه المخاطب لما بعدها، والإشارة إلى أن ما بعدها مما يهتم به ويلتفت إليه، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا لعنة الله على اليهود والنصارى"١، "ألا هل بلغت"، "ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب"٢. وكقول الشاعر:

ألا لا يجهلن أحد علينا ... ... ... ... ...

وكما في قوله:

ألا ليت حظي من عطاياك أنني ... علمت وراء الرمل ما أنت صانع


١ البخاري: الصلاة ٤٣٦ , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة ٥٣١ , والنسائي: المساجد ٧٠٣ , وأحمد ١/ ٢١٨ ,٦/ ٣٤ ,٦/ ٨٠ ,٦/ ١٢١ ,٦/ ١٤٦ ,٦/ ٢٥٥ , والدارمي: الصلاة ١٤٠٣.
٢ البخاري: العلم ١٠٥ , ومسلم: القسامة والمحاربين والقصاص والديات ١٦٧٩ , وابن ماجه: المقدمة ٢٣٣ , وأحمد ٥/ ٣٧ ,٥/ ٣٩ ,٥/ ٤٩ , والدارمي: المناسك ١٩١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>