والثاني: بمعنى حقا أو أحقا، وزعم بعض الناس أنها تكون حرف عرض بمعنى لولا، فتختص بالفعل، كما في قولك: أما يقول، أما يقعد، ونحوه.
وأما نحو: أما كان فيهم من يفهم؟ فالهمزة للاستفهام، وما حرف نفي وليست مما نحن فيه. فتنبه.
[في إعراب: عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه]
وأما المسألة الثانية وهي: قولك: ما وجه نصب "عدد خلقه، ورضى نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته"؟ فاعلم أن نصب هذه المصادر على أنه نعت لسبحان، لأنه اسم محذوف العامل وجوبا لكونه بدلا من اللفظ بفعل مهمل، كقول الشاعر:
ثم قالوا تحبها؟ قلت بهرًا ... عدد الرمل والحصى والتراب
فبهرا اسم منصوب على المفعولية المطلقة لكونها هنا بمعنى عجبا، لكن فعله مهمل غير مستعمل، فلذلك حذف وجوبا، وعدد الرمل في البيت نعت له، ويحتمل أن "عدد" وما عطف عليه، نصب على المفعولية المطلقة، والعامل يقدر: سبحته أو نزهته، فهو كقوله:{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} ١ لأن سبحان علم على معنى التنْزيه والبراءة أو على لفظه، فلا يعمل في المفعول.
ويمكن أن يقال: لا حاجة إلى هذا التقدير؛ لأن الاسم قد يعمل لما فيه من رائحة الفعل، ويكون النصب بسبحان، ويقويه قول ابن مالك:
بمثله أو فعل أو وصف نصب ... وكونه أصلا لهذين انتخب
وأما "زنة" فمعناها الموازنة والثقل، بخلاف ما إذا كان من بعده الفعل مستعمل كقوله:
أذِلّا إذا شب العدى نار حربهم ... وزهوا إذا ما يجنحون إلى السلم
وقول الآخر:
خمولا وإهمالا وغيرك مولع ... بتثبيت أسباب السيادة والمجد