للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأتاح الله بمنه في هذه البلاد النجدية والجهات العربية من أحبار الإسلام وعلمائه الأعلام من يكشف الشبهة، ويجلو الغمة، وينصح الأمة، ويدعو إلى محض الحق وصريح الدين، الذي لا يخالطه ولا يمازجه دين الجاهلية المشركين، فنافح عن دين الله، ودعا إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنف الكتب والرسائل، وانتصب للرد على كل مبطل ومماحل، وعلم من لديه كيف يطلب العلم وأين يطلب، وبأي شيء يقهر المشبه المجادل ويغلب.

واجتمع له من عصابة الإسلام والإيمان طائفة يأخذون عنه، وينتفعون بعلمه، وينصرون الله ورسوله، حتى ظهر واستنار ما دعا إليه، وأشرقت شموس ما عنده من العلم وما لديه، وعلت كلمة الله حتى أغشى إشراقها وضوؤها كل مبطل ومماحل، وذل لها كل منافق مجادل. وحقق الله وعده لأوليائه وجنده كما قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} ١. وقوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ٢ الآية.

[دعوة التوحيد في نجد]

فزال -بحمد الله- ما كان بنجد وما يليها من القباب، والمشاهد والمزارات والمغارات، وقطع الأشجار التي يتبرك بها العامة، وبعث السعاة لمحو آثار البدع الجاهلية، من الأوتاد والتعاليق والشركيات، وألزم بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت وبسائر الواجبات. وحث من لديه من القضاة والمفتين على تجريد المتابعة لما صح وثبت عن سيد المرسلين، مع الاقتداء في ذلك بأئمة الدين، والسلف الصالح المهديين. ونهاهم عن ابتداع قول لم يسبقهم إليه إمام يقتدى به، أو علم يهتدى به.

وأنكر ما كان عليه الناس في تلك البلاد وغيرها من تعظيم الموالد والأعياد الجاهلية التي لم ينْزل في تعظيمها سلطان، ولم يرد به حجة شرعية ولا برهان، لأن ذلك فيه مشابهة للنصارى الضالين، في أعيادهم الزمانية والمكانية ما هو باطل مردود في شرع سيد المرسلين.


١ سورة غافر آية: ٥١.
٢ سورة النور آية: ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>