للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستغاثة به عند الشدائد، وسؤالهم قضاء الحاجات، وإغاثة اللهفات. وأنا نأمر بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وسائر أمور الإسلام، وننهى عن الفحشاء والمنكرات، وسائر الأمور المبتدعات.

ومثل هؤلاء لا يجب دعوتهم قبل القتال؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون، وغزا أهل مكة بلا إنذار ولا دعوة.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه يوم خيبر -لما أعطاه الراية- وقال: "انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام"١ فهو عند أهل العلم على الاستحباب. وأما إذا قدرنا أن أناسًا لم تبلغهم دعوتنا، ولم يعلموا حقيقة أمرنا، أن الواجب دعوتهم أولا قبل القتال، فيدعون إلى الإسلام، وتكشف شبهتهم إن كان لهم شبهة، فإن أجابوا فإنه يقبل منهم، ثم يكف عنهم، فإن أبوا حلت دماؤهم وأموالهم.

فصل

[في الهجرة من دار الكفر]

وأما قولكم: من أجاب الدعوة، وحقق التوحيد، وتبرأ من الشرك. هل تلزمه الهجرة، وإن لم يكن له قدرة؟

"فنقول": الهجرة تجب على كل مسلم لا يقدر على إظهار دينه ببلده إن كان قادرا على الهجرة، كما دل على ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَاوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} ٢. وأما من لم يقدر على الهجرة فقد استثناهم الله تعالى بقوله: {إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} ٣ الآية.

فصل

[في الإيمان بالمعنى اللغوي والمعنى الشرعي]

وأما السؤال الثالث، وهو قولكم: قد ورد: "الإسلام يهدم ما قبله"٤ وفي رواية: "يجب ما قبله"، وفي حديث حجة الوداع: "ألا إن دم الجاهلية كله موضوع"٥ الخ،


١ البخاري: الجهاد والسير "٢٩٤٢" , ومسلم: فضائل الصحابة "٢٤٠٦" , وأحمد "٥/ ٣٣٣".
٢ سورة النساء آية: ٩٧.
٣ سورة النساء آية: ٩٨.
٤ مسلم: الإيمان "١٢١" , وأحمد "٤/ ٢٠٤".
٥ الترمذي: تفسير القرآن "٣٠٨٧" , وأبو داود: البيوع "٣٣٣٤" , وابن ماجه: المناسك "٣٠٥٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>