للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعض الأحيان دون بعض، وأما المداومة على ذلك واعتقاده سنة؛ فليس في الأحاديث ما يدل على ذلك، ونحن لم ننه الناس عن تقبيل اليد على الوجه الوارد في الأحاديث، بل ننهاهم عن الواقع منهم على خلاف ذلك؛ فإنهم يقبلون أيدي السادة الذين يعتقدون فيهم السر، ويرجون منهم البركة، ويجعلون التقبيل من باب الذل والانحناء المنهي عنه، وصار ذريعة إلى الشرك بالله. والشرع قد ورد بسد الذرائع.

فصل

[في حلق شعر الرأس]

وأما السؤال الخامس عن حلق شعر الرأس:

فالذي تدل عليه الأحاديث النهي عن حلق بعضه وترك بعضه، فأما تركه كله فلا بأس به إذا أكرمه الإنسان كما دلت عليه السنة الصحيحة.

وأما حديث كليب، فهو يدل على الأمر بالحلق عند دخوله في الإسلام إن صح الحديث، ولا يدل على أن استمرار الحلق سنة.

وأما تعزير من لم يحلق وأخذ ماله فلا يجوز، وينهى فاعله عن ذلك؛ لأن ترك الحلق ليس منهيا عنه، وإنما نهى عنه ولي الأمر؛ لأن الحلق هو العادة عندنا، ولا يتركه إلا السفهاء عندنا ١ فنهى عن ذلك نهي تنزيه، لا نهي تحريم سدا للذريعة؛ ولأن كفار زماننا لا يحلقون؛ فصار في عدم الحلق تشبها بهم ٢.


١ قوله: السفهاء: مراده -رحمه الله- أن الذي يتركه ويعزره ما مقصوده السنة، بل مقصوده الجمال ليعشقه المردان وربات الحجال ويتبعه الفسقة والأرذال اهـ من حاشية الأصل.
٢ فيه أن الكفار إذا فعلوا فعلا مشروعا في الإسلام لا يصح لنا أن نتركه؛ لئلا يكون تشبها، لأننا إنما نفعله لأنه مشروع عندنا وهم المتشبهون بنا، وقد صح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرسل شعره ويفرقه، وأنه لم يحلقه إلا في النسك، فلا ينبغي أن يتركه أهل العلم والدين ليصير شعارا للسفهاء أو الكافرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>