للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

[في فضائل أهل بيت النبي]

وأما السؤال السادس فيما ورد في فضائل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.

فنقول: قد صح في فضائل أهل البيت أحاديث كثيرة.

وكثير من الأحاديث التي يرويها من صنف في فضائل أهل البيت أكثرها لا يصححها الحفاظ، وفيما صح من ذلك كفاية.

وأماقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ١ وقول من قال: إن الإرادة صفة أزلية لا تتبدل، وأن "إنما" للحصر وغير ذلك.

فنقول: قد ذكر أهل العلم أن الآية لا تدل على عصمتهم من الذنوب، يدل على ذلك أن أكابر أهل البيت كالحسن والحسين وابن عباس لم يدعوا لأنفسهم العصمة، ولا استدل أحد منهم بهذه الآية على عصمتهم ٢.

وقد ذكر العلماء أن الإرادة في كتاب الله تعالى على نوعين: إرادة قدرية وإرادة شرعية، فالإرادة القدرية لا تبدل ولا تغير، والإرادة الشرعية قد تغير وتبدل. فمن الأول قوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا} ٣ وقوله تعالى: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا


١ سورة الأحزاب آية: ٣٣.
٢ بل كان بعضهم يخالف بعضًا في الأحكام الشرعية كمخالفة الحسن في ترك الإمامة لمعاوية، وكذا مخالفة الحسين في الخروج على يزيد. فهؤلاء خيارهم بالإجماع، وأما من بعدهم فقد كان منهم غلاة الباطنية المارقون من الإسلام، الذين يكيدون له ويدعون إلى تركه وعداوة أهله، والذين يذكرون الحصر في الآية لا يفهمون معناه، وهو ما بيناه في الحاشية في صفحة ٥٨٢، ولو كانت الآية تدل على العصمة لوجب أن تقول الشيعة بعصمة أزواجه -صلى الله عليه وسلم- بالأولى، وأفضلهن عائشة التي يبغضونها، ويخطئونها كما نخطئها في حرب الجمل.
٣ سورة الإسراء آية: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>