للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتضمن خلقه وتقديره "فالأولى" كقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} ١ "والثانية" كقوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} ٢ الآية. وقوله تعالى: {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ٣ ومثل ذلك كثير في القرآن.

فالله تعالى قد أخبر أنه يريد أن يتوب على المؤمنين ويطهرهم وفيه ٤ من تاب، وفيه من لم يتب، وفيه من تطهر، وفيه من لم يتطهر، فإذا كانت الآية ليس فيها دلالة على وقوع ما أراده من التطهير وإذهاب الرجس؛ لم يلزم بمجرد الآية ثبوت ما ادعاه هؤلاء.

ومما يبين ذلك أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مذكورات في الآية، فقد قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَاتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} ٥ إلىقوله: {وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} ٦ فالخطاب كله لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وفيه الأمر والنهي والوعد والوعيد.

لكن لما كان ما ذكره سبحانه يعمّهن، ويعمّ غيرهن من أهل البيت جاء بلفظ التزكية فقال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ٧ والذي يريد الله من حصول ٨ الرجس وحصول التطهير.

فهذا الخطاب وغيره ليس مختصًّا بأزواجه، بل هو يتناول أهل البيت كلهم، وعلي


١ سورة النساء آية: ٢٦.
٢ سورة الأنعام آية: ١٢٥.
٣ سورة هود آية: ٣٤.
٤ قوله: وفيه. لعل أصله وفيهم، وكذا ما بعده.
٥ سورة الأحزاب آية: ٣٠، ٣١.
٦ سورة الأحزاب آية: ٣٣، ٣٤.
٧ سورة الأحزاب آية: ٣٣.
٨ كذا في الأصل والظاهر أنه سبق قلم أو سهو من الناسخ والأصل: إذهاب الرجس.

<<  <  ج: ص:  >  >>