للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفاطمة والحسن والحسين أخص من غيرهم بذلك، خصصهم النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء لهم ١.

وهذا كما أن قوله: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} ٢ نزل بسبب مسجد قباء، ولكن الحكم يتناوله، ويتناول ما هو أحق منه بذلك، وهو مسجد المدينة.

وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: "هو مسجدي هذا"٣ وفي الصحيح أنه كان يأتي مسجد قباء كل سبت راكبًا وماشيًا، فكان يقوم في مسجده يوم الجمعة، ويأتي قباء يوم السبت، وكلاهما مؤسس


١ التحقيق أن هذه الآيات كلها في نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- فقط، وإنما ذكر الضمير في "عنكم"، "ويطهركم" تغليبا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد أعاد الخطاب لهن بعد هذه الآية، وهي تعليل لما في الآيات من الأوامر والنواهي، والوعد بمضاعفة الثواب، والوعيد بمضاعفة العقاب. والمعنى: إنما يريد الله بما ذكر من أمر ونهي ووعد ووعيد وترغيب وترهيب؛ أن يطهر هذا البيت المنسوب إلى رسوله من كل رجس، ودنس، وعار يمكن أن يمسه عاره بارتكاب أحد منكن لما نهاكن عنه، وترك ما أمركن به. فهذه الإرادة في الطهارة المعنوية كقوله تعالى في الطهارة الحسية بعد الأمر بالوضوء والغسل: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} وما ورد في الدعاء لعلي وفاطمة وولديهما، أو الخبر بكونهم من أهل بيته؛ فمعناه أنهم يدخلون في عموم لفظ أهل البيت الوارد في نسائه -صلى الله عليه وسلم- فيجب عليهم مما جعله الله سببا للتطهير في الآيات التي خاطب بها نساءه، على القاعدة الأصولية المعروفة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وفي حديث أم سلمة إشكال؛ لأنه يخالف ظاهر الآيات التي هي نص في الأزواج الطاهرات، وأم سلمة منهم، فهي داخلة في منطوقها أوليا، وظاهر الحديث أن إرادة التطهير قدرية تكوينية لا أنها أثر لامتثال تلك الأوامر والنواهي المعللة بها، فليراجع سنده، فلعل فيه بعض الشيعة المحرفين للآية.
٢ سورة التوبة آية: ١٠٨.
٣ مسلم: الحج "١٣٩٨" , والترمذي: الصلاة "٣٢٣" , والنسائي: المساجد "٦٩٧" , وأحمد "٣/ ٨ ,٣/ ٢٣ ,٣/ ٢٤ ,٣/ ٩١".

<<  <  ج: ص:  >  >>