للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} ١ إلى قوله: {كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} ٢، وقال: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} ٣ الآية، وقال: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} ٤، وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} ٥، وقال: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} الآية، وقال: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ}.

[اتخاذ الوسائط في عبادة الله]

فمن أثبت الوسائط بين الله وبين خلقه كالحجاب بين الملك ورعيته بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه، وأن الله -تعالى- إنما يهدي عباده ويرزقهم وينصرهم بتوسطهم، بمعنى أن الخلق يسألونهم، وهم يسألون الخالق، كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك حوائج الناس؛ لقربهم منهم والناس يسألونهم، أدبا منهم أن يباشروا سؤال الملك؛ أو لأن طلبهم من الوسائط: أنفع لهم من طلبهم من الملك لكونهم أقرب إلى الملك من الطالب، فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه فهو كافر مشرك يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. وهؤلاء مُشَبِّهُون، شبَّهُوا الخالقَ بالمخلوق، وجعلوا لله أندادا، وفي القرآن من الرد على هؤلاء ما لا تتسع له هذه الفتوى.

فإن هذا دين المشركين، عُبَّاد الأوثان، كانوا يقولون: إنها تماثيل الأنبياء والصالحين، وإنها وسائل يتقربون بها إلى الله -تعالى- وهو من الشرك الذي أنكره الله -تعالى- على النصارى حيث قال: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّه} ٦ الآية، وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} ٧ أي فليستجيبوا إذا دعوتهم بالأمر والنهي، وليؤمنوا بي: أني أجيب دعاءهم لي بالمسألة والتضرع، وقال: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} ٨.

وقد بين الله هذا التوحيد في كتابه، وحسم موادَّ الإشراك به حيث لا يخاف


١ سورة الأنبياء آية: ٢٨.
٢ سورة الأنبياء آية: ٢٩.
٣ سورة النساء آية: ١٧٢.
٤ سورة النجم آية ٢٦
٥ سورة البقرة آية ٢٥٥.
٦ سورة التوبة آية: ٣١.
٧ سورة البقرة آية: ١٨٦.
٨ سورة الشرح آية: ٧، ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>