للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدٌ غيرَ الله ولا يرجو سواه، ولا يتوكل إلا عليه قال تعالى: {فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} ١ {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ٢ وقال: {وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ} ٣ وقال: {مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} ٤ فبين أن الطاعة لله والرسول.

وأما الخشية والتقوى فللَّه وحده. وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} ٥ فبيَّن أن الإتيان لله والرسول.

وأما التحسب فهو لله وحده كما قالوا: {حَسْبُنَا اللَّهُ} ٦ ولم يقولوا: حسبنا الله ورسوله، ونظيره قوله تعالى: {زَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ٧.

[تحقيق النبي لمعنى التوحيد وبيان كلمته وحسم الشركة]

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق هذا التوحيد لأمته، ويحسم عنهم مواد الشرك؛ إذ هذا تحقيق قولنا: "لا إله إلا الله" فإن الإله هو الذي تَأْلَهُهُ القلوبُ بالمحبة والتعظيم والإجلال والإكرام والخوف، حتى قال لهم: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء محمد"٨ وقال لرجل قال له: ما شاء الله وشئت فقال: "أجعلتني لله ندًّا؟ بل ما شاء الله وحده"٩.

وقال لابن عباس: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله"١٠ وقال: "لا تُطْرُونِي كما أَطْرَت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله"١١ وقال: "لا تتخذوا قبري عيدا، وصلوا عليَّ حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني"١٢ وقال -في مرضه الذي مات فيه-: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"١٣ يحذر ما صنعوا. قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن خشي أن يتخذ مسجدا.

وهذا باب واسع. انتهى ما لخصته من كلام الشيخ ابن تيمية في مسألة الوسائط.

وقال -رحمه الله- في موضع آخر*: والله -سبحانه- لم يجعل أحدًا من الأنبياء والمؤمنين واسطة في شيء من الربوبية والإلهية، مثل ما ينفرد به من الخلق والرزق


١ سورة المائدة آية: ٤٤.
٢ سورة آل عمران آية: ١٧٥.
٣ سورة التوبة آية: ١٨.
٤ سورة النور آية: ٥٢.
٥ سورة التوبة آية: ٥٩.
٦ سورة التوبة آية: ٥٩.
٧ سورة آل عمران آية: ١٧٣.
٨ ابن ماجه: الكفارات "٢١١٨" , وأحمد "٥/ ٧٢" , والدارمي: الاستئذان "٢٦٩٩".
٩ أحمد "١/ ٢٨٣".
١٠ الترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع "٢٥١٦" , وأحمد "١/ ٢٩٣ ,١/ ٣٠٣ ,١/ ٣٠٧".
١١ البخاري: أحاديث الأنبياء "٣٤٤٥" , وأحمد "١/ ٢٣ ,١/ ٢٤".
١٢ أبو داود: المناسك "٢٠٤٢" , وأحمد "٢/ ٣٦٧".
١٣ البخاري: الصلاة "٤٣٦" , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة "٥٣١" , والنسائي: المساجد "٧٠٣" , وأحمد "١/ ٢١٨ ,٦/ ٣٤ ,٦/ ٨٠ ,٦/ ١٢١ ,٦/ ١٤٦ ,٦/ ٢٥٢ ,٦/ ٢٥٥ ,٦/ ٢٧٤" , والدارمي: الصلاة "١٤٠٣".
* مجموع الفتاوى ٢٤/ ٣٤٠ - ٣٤٢. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

<<  <  ج: ص:  >  >>