وذلك بأمور منها: الغلو الذي ذمه الله كالغلو في بعض المشايخ كالشيخ عدي، بل الغلو في علي بن أبي طالب، بل الغلو في المسيح، فكل من غلا في نبي أو رجل صالح وجعل فيه نوعا من الإلهية، مثل أن يدعوه من دون الله، بأن يقول: يا سيدي فلان أغثني، أو أنا في حسبك، فكل هذا شرك وضلالة يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل، فإن الله أرسل الرسل، وأنزل الكتب ليُعْبَدَ وحده، ولا يجعل معه إله آخر، والذين يجعلون معه آلهة أخرى مثل الملائكة والمسيح والعزير والصالحين أو قبورهم لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق وترزق، وإنما كانوا يدعونهم يقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فبعث الله الرسل تَنْهَى أن يُدْعَى أحدٌ من دونه، لا دعاء عبادة ولا دعاء استعانة. انتهى.
[كلام ابن عقيل في الشرك]
وقال أبو الوفاء ابن عقيل -رحمه الله-: لما صعبت التكاليف على الجُهَّال والطغام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم؛ إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم. قال: وهم عندي كفار بهذه الأوضاع، مثل تعظيم القبور، وإكرامها بما نهى عنه الشرع من إيقاد السُّرُج وتقبيلها وتخليقها، وخطاب الموتى بالحوائج، وكتب الرقاع فيها بأمور: أن افعل بي كذا وكذا، وأخذ تربتها تبركا، وإفاضة الطيب على القبور وشد الرحال إليها، وإلقاء الخِرَق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزى. والويل عندهم لمن لم يقبل مشهد الكفر ولم يتمسح بالآجر يوم الأربعاء، ولم يقل الحَمَّالون على جنازته: الصديق أبو بكر أو محمد، وعليّ، أو لم يعقد على قبر أبيه أزجا بالجص والآجر، ولم يخرق ثيابه، ولم يُرِقْ ماء الورد على القبر. اهـ كلامه.
فتأمل -رحمك الله- ما ذكره هذا الإمام وما كشفه من الأمور التي يفعلها الخواص من الأنام، فضلا عن النساء والغوغاء والعوام مع كونه في سادس القرون، والناس لما ذكره يفعلون، وجهابذة العلماء والنقدة لذلك مشاهدون، وحظهم من النهي مرتبته الثانية فهم بها قائمون، يتضح لك فساد ما زخرفه المبطلون ومَوَّهَ به المتعصبون والملحدون.