-صلى الله عليه وسلم-: "توضأ وصل ركعتين ثم قل: اللهم إني أتوجه إليك بنبيي محمد، نبي الرحمة، إني أتشفع به إليك في رد بصري، اللهم شَفِّع نبيي فيَّ" ففعل ذلك، فرد الله عليه بصره وقال له:"إذا كانت لك حاجة فبمثل ذلك فافعل" انتهى.
فهذا الحديث بهذا اللفظ لا حجة فيه للمبطل؛ لأن غايته أنه توسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.
وساقه الترمذي -رحمه الله- بسياق قريب من هذا. فقال: حدثنا محمد بن غيلان ثنا عثمان بن عمر ثنا شعبة عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف: أن رجلا ضرير البصر أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ادع الله لي أن يعافيني، قال "إن شئت دعوتُ وإن شئتَ صبرتَ فهو خير لك" قال: فادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء:"اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لِتُقْضَى، اللهم فَشَفِّعْهُ فيَّ"١ هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث أبي جعفر، وهو غير الخَطمي. انتهى.
هذا لفظه بحروفه، وفي نسخة أخرى:"إني توجهت به إلى ربي" وليست هذه اللفظة في الحديث في سياق هؤلاء الأئمة أعني قوله: يا محمد، التي هي غاية ما يتعلق به المبطلون.
"الوجه الثالث" أن يقال: على تقدير صحة هذه اللفظة فليس فيها ما يدل على دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، ولو كان فيها ما يدل على ذلك لفعله الصحابة -رضي الله عنهم-، فلما ثبت أن الصحابة لم يفعلوه، بل ولا أجازوه علمنا أنه ليس في ذلك دلالة. فيبقى أن يقال: ما معناه؟ فنقول:
ذكر العلماء في معناه قولين:"أحدهما" أنه توسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فيدل على جواز التوسل به -صلى الله عليه وسلم- في حياته وبعد وفاته، إلا أن التوسل ليس فيه دعاء له ولا استغاثة به، وإنما سؤال الله بِجَاهِهِ، وهذا ذكره الفقيه أبو محمد العز بن عبد السلام في فتاويه، فإنه أفتى بأنه لا يجوز التوسل بغير النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: وأما التوسل به -صلى الله عليه وسلم- فجائز -إن صح الحديث فيه- يعني حديث الأعمى.
١ الترمذي: الدعوات "٣٥٧٨" , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها "١٣٨٥".