للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعمى- قال: والأعمى كان قد طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له كما كان الصحابة يطلبون منه في الاستسقاء.

وقوله: "أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة" أي: بدعائه وشفاعته لي، ولهذا قال في تمام الحديث: "اللهم فشفعه فيَّ". فالذي في الحديث مُتَّفَقٌ على جوازه، وليس هو مما نحن فيه. انتهى.

وقال -رحمه الله- في موضع آخر*: "لفظ التوجه والتوسل يُرَادُ به: أن يتوجه بهم ويتوسل إلى الله بدعائهم وشفاعتهم، فهذا هو الذي جاء في ألفاظ السلف من الصحابة -رضي الله عنهم-، كقول عمر: "اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون"١ فهذا إخبار من عمر عما كانوا يفعلونه. وتوسلوا بالعباس كما كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم وكذلك معاوية لما استسقى بأهل الشام توسل بيزيد.

ومن هذا الباب ما في البخاري عن عمر -رضي الله عنه- قال: ربما ذكرت قول الشاعر، وأنا أنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي، فما ينزل حتى يجيش الميزاب:

وأبيضُ يُسْتَسْقَى الغَمَام بوجهه ... ثِمَال اليتامى عصمة للأرامل

[دعاء النبي للأعمى الذي توسل به]

ومن هذا الباب: حديث الأعمى، فإنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: "إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك" قال: ادع الله، فأمره أن يتوضأ فيحسن الوضوء، ويدعو هذا الدعاء "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد -نبي الرحمة-، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه لِتُقْضَى اللهم فشفعه فيَّ" فأمره أن يطلب من الله أن يشفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يكون طلبا لتشفيعه فيه إذا شفع فيه فدعا الله له.

وكذلك في أول الحديث أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له. فدل الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم شفع له ودعا له، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره هو أن يدعو الله وأن


* لم أجده في طبعة مكتبة الغرباء الأثرية لكتاب "الرد على البكري"، ولكن نقله نعمان الآلوسي صاحب كتاب "جلاء العينين في محاكمة الأحمدين" ص ٥٤٠ - ٥٤٢ عن كتاب "الرد على البكري". [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
١ البخاري: الجمعة "١٠١٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>