للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسأله قبول شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فهذا نظير توسلهم به في الاستسقاء؛ حيث طلبوا منه أن يدعو الله لهم، وَدَعَوْا هم اللهَ -تعالى- أيضا.

وقوله: "يا محمد إني توجهت بك إلى ربي": خطاب لحاضر في قلبه، كما نقول في صلاتنا: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"، وكما يستحضر الإنسان من يحبه ويبغضه أو يخاطبه، وهذا كثير.

فهذا كله يبين أن معنى التوسل والتوجه به وبالعباس وغيرهما في كلامهم: هو التوسل والتوجه بدعائه وبدعاء العباس ودعاء من توسلوا به، وهذا مشروع بالاتفاق لا ريب فيه". انتهى كلام أبي العباس ابن تيمية.

وفيما ذكرنا كفاية لمن نَوَّرَ الله قلبه، ومن أعمى الله قلبه لم تَزِدْه كثرةُ النُّقُول إلا حيرة وضلالا: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} ١.

فصل

[في التوسل المشروع هو التقرب إلى الله بالعمل والدعاء]

وأما قول القائل: وأما التوسل فقد أخرج الحاكم في مستدركه وصححه أن آدم توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وورد: "اللهم بحق نبيك والأنبياء قبلي" ولا أدري من خَرَّجَهُ.

فأما التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصةً: فقد رأيت لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب نقلا في جواز ذلك عن ابن عبد السلام، فبقي الكلام في النبي، أو في غيره من الأنبياء، وفي معاني الأحاديث الأخر، وما حكمها؟ وما الحجة المقابلة لما يقولون، المُخَصِّصَة لما يفهمون؟ وأما التوسل بغير الأنبياء فَيُورِدُونَ أن عمر توسل بالعباس في الاستسقاء فسُقُوا، وطفق الناس يتمسحون به، ويقولون: هذا الوسيلة إلى الله.

فأما أول القصة فهي في البخاري، وهي لدينا بحمد الله، وقولهم: فطفق إلى آخره. لا أدري من قالها، فما تقولون في معناها؟. وقد رأيت لبعض المحققين أن التوسل بالأولياء غير التوسل إليهم، فالأول جائز، والثاني شرك. وفي عدة الحصن الحصين


١ سورة النور آية: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>