للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحلف به لم يدخل في الحلف بغير الله.

وأما قول بعض الناس: أسألك بالله وبالرحم، وقراءة من قرأ {تسألون به والأرحام} فهو من باب التسبب بها، فإن الرحم توجب الصلة، وتقتضي أن يصل الإنسان به قرابته.

فسؤال السائل بالرحم لغيره: يتوسل إليه بما يوجب صلته من القرابة التي بينهما، ليس هو من باب الإقسام، ولا من باب التوسل بما لا يقتضي المطلوب، وتوسل بما هو يقتضي المطلوب كالتوسل بدعاء الأنبياء وبطاعتهم.

ومن هذا الباب ما يروى عن عبد الله بن جعفر أنه قال: كنت إذا سألت عليا شيئا فلم يُعْطِينِيه، قلت له: بحق جعفر إلا ما أعطيتنيه فيعطينيه، أو كما قال بعض الناس ظن، فإن هذا من باب الإقسام عليه بجعفر، ومن باب قولهم: أسألك بحق أنبيائك، ونحو ذلك، وليس كذلك بل جعفر هو أخو علي، وعبد الله ابنه، وله عليه حق الصلة، فصلة عبد الله صلة لأبيه جعفر، كما في الحديث: "إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل وُدِّ أبيه، بعد أن يولي"١.

ولو كان من هذا الباب الذي ظنوه لكان سؤاله لعلي بحق النبي صلى الله عليه وسلم وإبراهيم الخليل ونحوهما أولى من سؤاله بحق جعفر، ولكان عليّ إلى تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته وإجابة السائل أسرع منه إلى إجابة السائل بغيره". انتهى ملخصا.

[بطلان ما روي من توسل آدم بالنبي]

وأما قول القائل: فقد أخرج الحاكم في مستدركه، وصححه: "أن آدم توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم" فهو من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال أحمد بن حنبل: ضعيف، وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وضعَّفَه ابن المديني جدا، وقال أبو داود: أولاد زيد بن أسلم كلهم ضعيف، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول: ذكر رجل لمالك حديثا. فقال من حَدَّثَك؟ فذكر إسنادا له منعطفا. فقال: اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدثك عن أبيه


١ مسلم: البر والصلة والآداب "٢٥٥٢" , والترمذي: البر والصلة "١٩٠٣" , وأبو داود: الأدب "٥١٤٣" , وأحمد "٢/ ٨٨ ,٢/ ٩١ ,٢/ ٩٧ ,٢/ ١١١".

<<  <  ج: ص:  >  >>