للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن نوح عليه السلام-. وقال أبو زرعة: ضعيف، وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث، كان في نفسه صالحا، وفي الحديث واهيا. وقال ابن حبان: كان يَقْلِب الأخبار، وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف فاستحق الترك، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث ضعيفا جدا، وقال ابن خزيمة: ليس هو ممن يحتج أهل العلم بحديثه، وقال الحاكم: وأبو نعيم روى عن أبيه أحاديث موضوعة، وقال ابن الجوزي: أجمعوا على ضعفه، فهذا الحديث الذي استدل به: تفرد به عبد الرحمن بن زيد، وهو كما تسمع.

وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية -رحمه الله- في "رده على ابن البكري"*: "وأما قول القائل: قد توسل به الأنبياء، آدم وإدريس ونوح وأيوب، كما هو مذكور في كتب التفسير وغيرها. فيقال: مثل هذه القصص لا يجوز الاحتجاج بها بإجماع المسلمين فإن الناس لهم في شرع من قبلنا قولان:

"أحدهما": أنه ليس بحجة. "الثاني": أنه حجة ما لم يأت شرعنا بخلافه، بشرط أن يثبت ذلك بنقل معلوم، كإخبار النبي صلى الله عليه وسلم.

[الخلاف في شرع من قبلنا وعدم الاحتجاج بالإسرائيليات]

فأما الاعتماد على أخبار أهل الكتاب، أو نقل مَن نقل عنهم: فهذا لا يجوز باتفاق المسلمين؛ لأن في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم"١.

وهذه القصص التي فيها ذِكْر توسل الأنبياء بذاته: ليست في شيء من كتب الحديث المعتمدة، ولا لها إسناد معروف عن أحد من الصحابة، وإنما تُذْكَرُ مُرْسَلَة كما تُذْكَرُ الإسرائيلياتُ التي تُرْوَى عَمَّن لا يُعْرَفُ.

وقد بُسِطَ الكلام في غير هذا الموضع عما نُقِلَ في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وتكلمنا عليه وبَيَّنَا بطلانَ جميعه.

ولو نقل ذلك عن كعب ووهب ومالك بن دينار ونحوهم ممن ينقل عن أهل الكتاب: لم يجز أن يحتج به؛ لأن الواحد من هؤلاء، وإن كان ثقة، فغاية


* "الرد على البكري" ١/ ١٥٨ - ١٦١. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
١ أبو داود: العلم "٣٦٤٤" , وأحمد "٤/ ١٣٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>