للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاحهم وعلمهم، وقد اختارهم الله على علماء زمانهم ١ وخفي عليهم هذا، وقالوا: يا موسى {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} ٢ فهذا يفيد أن المسلم، بل العالم قد يقع في أشياء من الشرك، وهو لا يدري، فيفيد الحرص، وبذل الجهد في البحث عما جاء عن الله ورسوله، ولا يقلد دينه الرجال، فإنهم لن يسلموا أن يغلطوا، وأبى الله أن يصلح إلا كتابه، وأن يعصم إلا رسوله.

وإذا اشتبه الحق في هذا الباب أو غيره فليدع بما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا قام يصلي من الليل: "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اخْتُلِفَ فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"٣.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


١ إن الاعتبار في محله، وإن كان بنو إسرائيل قالوا هذا عقب خروجهم من مصر، وقبل نزول التوراة، وكانت الوثنية المصرية غالبة عليهم، ولكنهم علموا أن موسى -عليه السلام- دعا فرعون وقومه إلى عبادة الله وحده، وشاهدوا الآيات الدالة على صدقه، وكأنهم ظنوا أن الإله الذي يجعله لهم لا ينافي عبادته وحده كما يظن القبوريون من المسلمين اليوم بجهلهم، وقد قال لهم موسى: "إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون"، ولم يمنعهم هذا العلم من عبادة العجل بعد ذلك.
٢ سورة الأعراف آية: ١٣٨.
٣ مسلم: صلاة المسافرين وقصرها "٧٧٠" , والترمذي: الدعوات "٣٤٢٠" , والنسائي: قيام الليل وتطوع النهار "١٦٢٥" , وأبو داود: الصلاة "٧٦٧" , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها "١٣٥٧" , وأحمد "٦/ ١٥٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>