ولا تفريط فلا ضمان عليه، وهو من مال الراهن، يروى ذلك عن علي رضي الله عنه وبه قال عطاء، والزهري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر، فإذا تلف بغير تعد ولا تفريط لم يضمنه، ولم يسقط شيء من الدَّين، بل هو ثابت في ذمة الراهن؛ لأن الدَّين ثابت في ذمة الراهن، ولم يوجد ما يسقطه.
[مطالبة الضامن والمضمون عنه]
"الحادية عشرة": إذا ضمن رجل على آخر، وادعى للمضمون عنه أني أعطيت الغني.
"الجواب": لصاحب الحق مطالبة من شاء من الضامن والمضمون عنه، وبه قال الشافعي، والثوري، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وأبو عبيد؛ لقوله -عليه السلام- "الزعيم غارم"١ فإن أدى المضمون عنه برئت ذمة الضامن بغير خلاف، وإن أدى الضامن الدَّين، ونوى الرجوع رجع على المضمون عنه بما أداه لصاحب الحق، وهو مذهب مالك والشافعي.
[براءة الذمة بالإحالة على المليء]
"الثانية عشرة": إذا أحال رجل آخر بعشرة جدد على مليء وقبله، وبعد هذا أفلس المحال عليه، هل ينحرف على صاحبه، أم لا؟
"الجواب": إذا أحاله على مليء برئت ذمة المُحيل، ولم يعد الحق إليه، سواء أمكن الاستيفاء، أم لا، وبه قال الليث، والشافعي، وأبو عبيد، وابن المنذر؛ لأنه أحاله على مليء برضاه وقبله، فلم يكن له على المحيل رجوع، بشرط أن تكون الحوالة صحيحة بشروطها.
[معنى تعارض البينتين]
"الثالثة عشرة": ما معنى تعارض البَيِّنَتَيْن؟
"الجواب": معنى تعارض البينتين: تساويهما من كل وجه، فإذا أقام المدعي بينة، وأقام المدعى عليه بينة وتساويتا، فقد تعارضتا، (ومتى تعارضت) بينتاهما سقطتا، وكانا كمن لا بينة لهما.
١ الترمذي: البيوع "١٢٦٥" , وأبو داود: البيوع "٣٥٦٥" , وابن ماجه: الأحكام "٢٤٠٥".