للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذات أنواط، فإنه متقرر عندهم أن العبادات مبناها على الأمر.

وقد ذكر ذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مسائله على التوحيد، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم "وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم"١ الحديث، متفق عليه وقال ابن القيم -رحمه الله- في نونيته:

حق الإله عبادة بالأمر لا ... بهوى النفوس فذاك للشيطان

إذا تمَّ هذا فالأمر هو استدعاء الفعل بالقول، ممن هو دونه على سبيل الوجوب عند الإطلاق والتجرد عن القرينة. فيحمل عليه والله أعلم.

فصل

في حكم كلمة التوحيد

وأما حكمها فقال في "فاكهة القلوب والأفواه": اعلم أن الناس مؤمن وكافر، فأما المؤمن بالأصالة فيجب أن يذكرها مرة في عمره وينوي بها الوجوب ٢. ثم ينبغي له أن يكثر من ذكرها وليعرف معناها لينتفع بها، وأما الكافر فذكره


١ البخاري: الاعتصام بالكتاب والسنة "٧٢٨٨" , ومسلم: الحج "١٣٣٧" , والنسائي: مناسك الحج "٢٦١٩" , وابن ماجه: المقدمة "٢" , وأحمد "٢/ ٤٨٢".
٢ قد قال كثير من العلماء مثل هذا في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-بناء على أن الأمر في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} للوجوب، وأن الامتثال يحصل بمرة واحدة. ومثل هذا التدقيق أو التقييد بالاصطلاحات لم يكن يخطر ببال الصحابة ولا غيرهم من علماء السلف أولي السليقة العربية، ولا يعقل أحد منهم ولا عاقل من غيرهم أن يوجد مسلم في العالم لا يذكر كلمة التوحيد في عمره إلا مرة واحدة أو مرتين أو مرارًا قليلة، دع وجوبها في الصلاة. ولنا أن نقول -على طريقتهم في الاستدلال: إن الله تعالى- أمر المؤمنين أن يذكروه ذكرًا كثيرًا ووصفهم بكثرة الذكر قياما وقعودًا وعلى جنوبهم، ووصف المنافقين بقلة الذكر. وأفضل الذكر لا إله إلا الله، فهي مما أمرنا بالإكثار منها أو في مقدمته - فحكمها الإكثار منها لا النطق بها مرة واحدة في العمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>