للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذه الكلمة واجب، وهو شرط في صحة إيمانه القلبي مع القدرة. انتهى ملخصا.

وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها"١. قال علماؤنا -رحمهم الله-: إذا قال الكافر: لا إله إلا الله فقد شرع في العاصم لدمه، فيجب الكف عنه، فإن تمم ذلك تحققت العصمة وإلا بطلت ويكون النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال كل حديث في وقت فقال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله"٢.

ليعلم المسلمون أن الكافر المحارب إذا قالها كف عنه وصار ماله ودمه معصومين، ثم بين -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر أن القتال ممدود إلى الشهادتين والعبادتين، فقال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل"٣ متفق عليه.

فبين أن تمام العصمة إنما يحصل بذلك ٤ ولئلا تقع الشبهة بأن مجرد الإقرار يعصم على الدوام.


١ البخاري: الصلاة "٣٩٣" , والترمذي: الإيمان "٢٦٠٨" , والنسائي: تحريم الدم "٣٩٦٦ ,٣٩٦٧" والإيمان وشرائعه "٥٠٠٣" , وأبو داود: الجهاد "٢٦٤١" , وأحمد "٣/ ١٩٩ ,٣/ ٢٢٤".
٢ البخاري: الصلاة "٣٩٣" , والترمذي: الإيمان "٢٦٠٨" , والنسائي: تحريم الدم "٣٩٦٦ ,٣٩٦٧" والإيمان وشرائعه "٥٠٠٣" , وأبو داود: الجهاد "٢٦٤١" , وأحمد "٣/ ١٩٩ ,٣/ ٢٢٤".
٣ البخاري: الإيمان "٢٥" , ومسلم: الإيمان "٢٢".
٤ التحقيق أن المراد بالحديثين واحد، وهو الدخول في الإسلام ومفتاح الدخول فيه من المشركين النطق بكلمة التوحيد فهو يعصم صاحبه في المعركة إذ لا مجال فيها لصلاة ولا زكاة، وأما الكفار الموحدون، فلابد من نطق أحدهم برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- كما سيأتي عن النووي. وذكر الصلاة والزكاة في الحديث الآخر يراد به قبول شرائع الإسلام وركنها الديني المحض الأعظم الصلاة وركنها المالي الزكاة فمن دان بهما دان بغيرهما، فإن فرض أنه جحد الصيام أو الحج أو غيرهما مما علم من الدين بالضرورة حكم بكفره، وقد حققنا هذه المسألة في تفسير {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} فيراجع في الجزء العاشر من تفسير المنار وسيأتي ما يؤيد هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>