المسألة الرّابعة: عمد المملوك إذا جنى على الحرّ ما حكمه؟
فجوابها يعرف من التي قبلها، وهو أنّه إن كان موجبًا للقصاص في النّفس أو فيما دونها فإنّه يقتصّ منه، وإن عفي عنه إلى الدّية فإنّها تكون في رقبة العبد دَين في ذمّته يباع فيها.
المسألة الخامسة: هل للإمام أو نائبه أو الحاكم أن يلزموا المجني عليه أن يأخذ القصاص من الجاني، ولو طلب الأرش أم ليس لهم ذلك؟
وهل إذا امتنع الجاني عن بذل الأرش إلّا القصاص منه يوافق على أخذ القصاص منه أم العبرة بالمجني عليه؟
والجواب أنّه لا يجوز للإمام ولا لنائبه إلزام المجني عليه أن يأخذ القصاص من الجاني، ولو طلب الدّية إلّا في مسألة الغيلة؛ فإنّ مذهب مالك أنّه يقتل حدًّا، وأمره إلى الإمام، ولو عفا أولياء القتيل، وهو اختيار الشّيخ تقيّ الدّين، لا يمكن التّحرز منه بالمحاربة، وكذلك قاتل الأئمة فإنّ القاضي خرج وجهًا في المذهب أنّه يقتل حدًا.
وقال السّائل: وهل إذا امتنع الجاني عن بذل الأرش إلّا القصاص منه يوافق على ذلك أم العبرة بالمجني عليه؟
فهذه المسألة مبنية على أصلٍ وهو أنّه هل الواجب بقتل العمد أحد شيئين: القصاص أو الدّية، أو أنّ الواجب في قتل العمد القصاص عينًا؟
وفي ذلك قولان للعلماء هما روايتان عن أحمد. قال في الشّرح الكبير: اختلفت الرّوايات عن أحمد -رحمه الله تعالى- في موجب العمد فروي عنه أنّ موجبه القصاص عينًا، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "مَن قتل عمدًا فهو قود".
وقوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}، [البقرة، من الآية: ١٧٨]. والمكتوب لا يتخيّر فيه. ولأنّه متلف يجب به البدل فكان معينًا كسائر المتلفات. وبه قال النّخعي ومالك وأبو حنيفة. قالوا: ليس للأولياء إلّا القتل