فقال الرّجل: ألي ذلك يا رسول الله أم لجميع النّاس؟ فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "بل لجميع أمتّي". رواه الأئمة من طرق مختلفة.
قال المجد: فإن جاء من يستوجب التّعزير تائبًا لم يعزّر عندي. انتهى. قال في الرّعاية: إن تشاتم اثنان عزرا، ويحتمل عدمه. قال في الفروع: فدلّ على أنّ ما رآه يتعيّن فلا يبطله غيره وأنّه يتعيّن قدر تعزيره خلافًا لمالك. انتهى.
قلت: يعنِي: إذا عين الإمام التّعزير للمصلحة فلا يجوز لغيره إبطاله، وأنّه يتعيّن قدر تعزير عينه الإمام. قال في الإنصاف: ويجب إذا طالب الآدمي بحقّه. قال: في الفروع وفي المغني في قذف صغيرة: لا يحتاج في التّعزير إلى مطالبة؛ لأنّه مشرع لتأديبه فللإمام تعزيره إذا رآه. ويؤيّده نصّه فيمَن سبّ صحابيًّا يجب على السّلطان تأديبه ولم يقيّده بطلبٍ أو إرث مع أنّ أكثرهم أو كثيرًا منهم له وراث، وقد نصّ في مواضع على التّعزير ولم يقيّده وهو ظاهر كلام الأصحاب.
ويأتي في أوّل آداب القاضي إذا افتات خصم على الحاكم له تعزيره مع أنّه لا يحكم لنفسه إجماعًا، فدلّ على أنّه ليس كحقّ الآدمي المفتقر جواز إقامته إلى طلب. ولهذا أجاب في المغني عن قول الأنصاري للنَّبِيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن الزّبير: أن كان ابن عمّتك، وأنّه لم يعزّره وعن قول الرّجل: إنّ هذه القسمة ما أريد بها وجه الله، بأنّ للإمام العفو عنه. وفي البخاري أنّ عيينة بن حصن لما أغضب عمر هَمَّ به فتلا عليه الحر بن قيس {خُذِ الْعَفْوَ} الآية [الأعراف، من الآية: ١٩٩]، قاله في شرح مسلم في قول عائشة -رضي الله عنها- ما انتقم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلّا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله. أنّه يستحبّ لولاة الأمور التّخلق بهذا، فلا ينتقم لنفسه ولا يهمل حقّ الله. انتهى كلام صاحب الفروع.