إلى اجتهاد الإمام، لكن الذي نختاره أنّه يعزّر بذلك اتباعًا للخليفة الرّاشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
المسألة الثّالثة: إن أرى الإمام العفو عنه جاز، فقد قال في المبدع: معناه من الشّرح ما كان من التّعزير منصوصًا عليه كوطء جارية امرأته أو الجارية المشتركة فيجب امتثال الأمر فيه، وما لم يكن، إن رأى الإمام المصلحة فيه وجب كالحدّ، وإن رأى العفو جاز للأخبار إلى آخر الكلام.
فنقول: اعلم أنّ في وجوب التّعزير وعدمه روايتين في مذهب أحمد:
إحداهما: الوجوب مطلقًا. وهي المذهب، وعليه الأصحاب. وهو من مفردات المذهب. ومال إلى وجوبه الشّيخ تقيّ الدّين، وعنه مندوب نصّ عليه في تعزير رقيقه على معصيته وشاهد الزّور. قال في المغني والشّرح: إن كان التّعزير منصوصًا عليه كوطء جارية امرأته أو المشتركة وجب، وإن كان غير منصوص عليه وجب إذا رأى المصلحة فيه أو علم أنّه لا ينْزجر إلّا به، وإن رأى العفو عنه جاز. انتهى.
قلت: ومراده إذا كان في العفو عنه مصلحة، قال في الكافي: يجب التّعزير في الموضعين الذين ورد فيهما الخبر إلّا إن جاء تائبًا فله تركه. انتهى.
قلت: ومراده بالموضعين: إذا وطئ أمة امرأته مع تحليلها له أو الأمة المشتركة وهو معنى كلام صاحب المبدع الذي ذكرته في السّؤال، وليس في ذلك معارضة لما تقدم من كلامهم؛ لأنّه إذا جاء تائبًا نادمًا جاز ترك تعزيره، كما روي في تفسير قوله تعالى:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، [هود، من الآية: ١١٤]، أنّ رجلًا أصاب من امرأة قبلة وفعل بها كلّ شيء إلّا الجماع ثم جاء تائبًا، وذكر ذلك لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} الآية.