لم يكن في ذلك زجر عن المستقبل. لكن لاستيفاء للمظلوم، وأخذ حقّه يتوجّه أن يقال بفعل ذلك، ولا يخلو عن ردع وزجر في المستقبل ففعله لأجل الزّجر وإلّا لم يشرع لعدم الأثرية والفائدة في الدّنيا.
وأمّا في الآخر فالله تعالى يتولّى ذلك للعدل بين خلقه فلا يلزم منه فعلنا نحن كما قال ابن حامد: القصاص بين البهائم والشّجر والعيدان جائز شرعًا، بإيقاع مثل ما كان في الدّنيا. وكما قال أبو محمّد البربهاري في القصاص في الْحَجَر التي نالت إصبع الرّجل، وهذا ظاهر كلامهم السّابق في التّعزير أو صريحه فيما لا يميّز.
وقال شيخنا: القصاص موافق للشّريعة واحتجّ بثبوته في الأموال وبوجوب دية الخطأ، وبقتال البغاة المفغور لهم. قال: فتبيّن بذلك أنّ الظّلم والعدوان يؤدّي في حقّ المظلوم مع عدم التّكليف؛ فإنّه من العدل وحرَّم الله الظّلمَ على نفسه، وجعله محرمًا بين عباده. كذا قال. وبتقديره فإنّما يدلّ على الآدميين. انتهى كلام صاحب الفروع. وقد عرفتَ أنّه قول كثير من العلماء.
فأمّا الصّبيان فمعلوم أنّ ذلك زجر لهم في المستقبل إذا اقتصّ لبعضهم من بعضٍ، والذي نرى أنّ الذي يقتصّ لهم الأمير أوالقاضي إلّا إذا لم يَخْفَ من تعدّي الصّبِيّ في اقتصاصه لنفسه؛ لأنّه أشفى لنفسه.
وأمّا البهيمة فيقتصّ لها مالكها، ومعلوم أنّ بعض البهائم يتأدّب إذا أدّب. والله أعلم بالصّواب.
المسألة الثّانية: إذا وجد مع امرأته رجلًا من غير زنا بها أنّه يضرب مائة سوطٍ كما في رواية يعقوب، واحتجّ بفعل عليّ -رضي الله عنه-، فذكر هذه المسألة في الإنصاف، وذكر أنّه يعزّر بذلك. انتهى.