حتّى قلنا فيمَن قدر على إنجاء شخصٍ بإطعامٍ أو سقي فلم يفعل فمات ضمنه، وعلى هذا فلو كتم شهادة أبطل بها حقّ مسلمٍ ضمنه، ومن هذا الباب لو كان في القرية أو المحلّة أو البلدة رجل ظالم فسأل الوالي الغريم عن مكانه ليأخذه منه الحقّ فإنّه يجب دلالته بخلاف ما لو كان قصده أكثر من الحقّ. فعلى هذا إذا كتموا ذلك حتّى تلف الحقّ ضمنوه، ويملك السّلطان تعزير مَن ثبت عنده أنّه كتم الخبر الواجب كما يملك تعزير المقرّ إقرارًا مجهولًا حتّى يفسره، ومَن كتم الإقرار، وقد يكون التّعزير بترك المستحبّ كما يعزّر العاطس الذي لم يجهر بترك تشميته.
إذا عرفت هذا، فلنرجع إلى جواب المسألة المسؤول عنها، وهي: ما إذا ظلم صبي صبيًّا، أو بهيمة بهيمةً اقتصّ للمظلوم إلى آخره.
فنقول: يعمل بذلك؛ لأنّ ذلك في الغالب لا يخلو عن ردع للظّالم، وإن لم يكن مكلّفًا. قال الشّيخ تقيّ الدّين: لا نزاع بين العلماء أنّ غير المكلَّف كالصّبي المميّز يعاقب على الفاحشة تعزيرًا بليغًا، وكذلك المجنون يضرب على ما فعل لينْزجر لكن لا عقوبة بقتل أو قطع.
قال في الفروع: قال في الواضح: من شرع في عشر صلح تأديبه في تعزير على طهارة وصلاة، وكذا في زنا، وهو معنى كلام القاضي، وذكر ما نقله الشّالنجي في الغلمان يتمردون لا بأس في ضربهم، وظاهر ما ذكره الشّيخ عن القاضي، يجب ضربه على صلاة. قال الشّيخ لِمَن أوجبها هو تأديب وتعويد على خط وقراءة وصناعة وشبهها، وكذا قال صاحب المحرّر كتأديبه اليتيم والمجنون والدّواب؛ فإنّه شرع لا لترك واجب. وظاهر كلامهم في تأديبه في الإجارة والدّيات أنّه جائز في الإجارة.
فأمّا القصاص مثل أن يظلم صبي صبيًّا أو مجنون مجنونًا أو بهيمة بهيمة، فيقتصّ للمظلوم من الظّالم، وإن