{وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ}، [العنكبوت، الآية::١١].
وهذا أمر مشاهد لِمَن جعل الله في قلبه نورًا. وقد وسم الله المنافقين بأقوالهم وأعمالهم، وجعل الله أهل الإيمان شهداء على النّاس. وقال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، [التّوبة، من الآية: ١٠٥].
فيجب على مَن ولّاه الله أمر الدّين والدّنيا أن لا يتّهم من أقامهم الله شهداء على النّاس وهو يعلم منهم محبّة الإسلام ومحبّة أهله وبغض الباطل وأهله فكيف لا تقبل شهادة مَن أقامهم الرّبّ شهداء في أرضه على أعمال خلقه؟ وقد قال في المؤمنين والمهاجرين: {أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، [الأنفال، من الآية: ٧٢].
وقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}، [الأنفال: ٧٣].
ومن الفساد الكبير على ما ذكر العلماء ضعف الإيمان وقوّة الباطل وقد حذّر الله نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- من طاعة الكافرين والمنافقين فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}، [الأحزاب: ١]، عليمًا بما يصلح عباده حكيمًا في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره.
ولما كان التّحذير من أولئك من أهمّ مقامات الدّين قال الله لنبيّه: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْك}، [المائدة، من الآية: ٤٩].
وقال: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}، [الكهف، من الآية: ٢٨].
وقال: {فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى}، [طه: ١٦].
وفي الأثر: تحبّبوا إلى الله ببغض أهل المعاصي، وتقرّبوا إلى الله بالبعد عنهم، وأطلبوا رضاء الله بسخطهم".
وقال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}، [القلم الآتيان: ٣٥ - ٣٦].
و {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}، [الجاثية: ٢١].