للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمساواة بين أهل الأهواء والزيغ والمعاصي، وجعلهم في رتبة أهل الإيمان أو فوقهم، خلاف ما أحبه الله وأمر به عباده، وهو في نفسه فساد، وذلك سبب سخط الله وحلول عذابه. فعليك بمن من إذا قربتهم قربك الله وأحبك، وإذا نصرتهم نصرك الله وأيدك، واحذر أهل الباطل الذين إذا قربتهم أبعدك الله وأوجب لك سخطه، قال تعالى: {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [سورة الأحزاب آية: ١٧]. وفي الحديث: "من التمس رضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله، لم يغنوا عنه من الله شيئا"١.

وقد رأينا عجبًا أن من التفت إلى أحد دون الله، خذله الله به وسلطه عليه; قال العلماء رحمهم الله: قضى الله قضاء لا يرد ولا يدفع: أن من أحب شيئًا دون الله عذب به، ومن خاف شيئًا دون الله سلط عليه. وأنت تجد وترى كثيرًا من الناس، قدمهم ولاة الأمر في شيء من أمورهم، فتعززوا على الناس، وتجاسروا على الأهواء ومخالفة الشرع في أقوالهم وأعمالهم، فخافهم أهل الدين؛ (فمنهم) من ذل لهم واعتذر بعدم القدرة، (ومنهم) من استصلح دنياه خوفًا من كيدهم. وأنت تجد هؤلاء إذا ظهرت حالهم كابروا العقول بزخرف من القول والكذب، واستعانوا على إفكهم بأمثالهم، محافظة على العلو والفساد.

فلو وفق الإمام بالاهتمام بالدين، واختار من كل جنس أتقاهم وأحبهم وأقربهم إلى الخير، لقام بهم الدين والعدل. فإذا أشكل عليه كلام الناس، رجع إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"٢،

فإذا ارتاب من رجل، هل كان يحب ما يحبه الله؟ نظر في أولئك القوم وسأل أهل الدين: من تعلمونه أمثل القبيلة أو الجماعة في الدين، وأولاهم بولاية الدين والدنيا؟ فإذا أرشدوه إلى


١ الترمذي: الزهد ٢٤١٤
٢ الترمذي: صفة القيامة الرقائق والورع ٢٥١٨ , والنسائي: الأشربة ٥٧١١ , والدارمي: البيوع ٢٥٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>