ما كان يصلح لذلك قدمه فيهم، ويتعيّن عليه أن يسأل عنهم مَن لا تخفى عنه أحوالهم من أهل المحلة وغيرها، فلو حصل ذلك لثبت الدّين وبثباته يثبت الملك، وباستعمال أهل النّفاق والخيانة والظّلم يزول الملك ويضعف الدّين، ويسود القبلية شرارها ويصير على ولاة الأمر كفل من فعل ذلك. فالسّيعد مَن وُعِظَ بغيره، وبما جرى له وعليه. وأهل الدّين هم أوتاد البلاد ورواسيها، فإذا فعلت وكسرت مادت وتقلبت كما قال العلامة ابن القيم -رحمه الله- ولكن رواسيها وأواتادها هم، فأنت إذا فعلت ما قلت لك قام بك الدّين والعدل وصارت سنة حسنة في هذا الزّمان ونلت أجر مَن أقام السّنة كما في الحديث:"مَن سَنَّ في الإسلام سُنةً حسنة كان له أجرها وأجر مَن عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء".
فإن انعكس الأمر كما هو الواقع كانت سنة سيّئة عليه وزرها ووزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".
ومن المعلوم أنّ النّفس تميل إلى الرّاحة وطلب رضا الخلق، وفي النّظر فيما يرضي الله مخالفة للخلق أو بغضهم ولكن طريق الجنة حزن بربوة، واقرأ قوله تعالى:{فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، [آل عمران، من الآية: ١٧٥]. وقوله:{وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ}، [البقرة، من الآية: ٤١]. وقوله:{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}، [هود، من الآية: ١٢٣]. وقوله:{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا}، [سبأ، من الآية: ٤٦].
فإذا عرفت أنّ العبد لا يأتيه ما يكره إلّا من شرور نفسه وسيّات أعماله وأنّ نواصي الخلق في قبضة الرّبّ تبارك وتعالى، وأنّ قلوبهم بين إصبعين من أصابعه أفادك القيام بدينه وأخذت في أسباب ذلك والحبّ فيه والبغض فيه والتّقريب له والإبعاد لأجله، وجعلت أفعالك تطابق أمره